الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد أن أحرمنا بالعمرة تعبت ابنتي ووالدي فتحللنا دون إتمام العمرة جهلا منا فماذا يلزمنا؟

السؤال

ذهبت يوم الجمعة الماضية لأداء مناسك العمرة مع أبي، وزوجتي، وابنتي الصغيرة التي تبلغ من العمر ثلاثة أشهر, وأحرمنا ونوينا العمرة وذهبنا إلى الحرم، فكان شديد الزحام، وكان الجو شديد الحرارة, ووصلنا إلى صحن الطواف، وبسبب كثرة المعتمرين، وشدة الزحام أغلقت شرطة الحرم مداخل صحن الطواف، لكننا وصلنا أخيرًا بعد عناء إلى الطواف، وقبل أن نبدأ تعبت الطفلة جدًّا، ومن شدة الزحام والحرارة ورطوبة الجو فقدت القدرة على التنفس، وظهرت عليها علامات التعب الشديد، وظهرت على أبي علامات التعب والإرهاق أيضًا نظرًا لكبر سنه، مع وجود إصابة في ساقه - بتر في ساقه مع وجود طرف صناعي - فلم نبدأ مناسك العمرة وخرجنا من الحرم، وذهبنا إلى المنزل، وتحللنا من الإحرام، ومارسنا حياتنا بشكل طبيعي, وعلمت بالصدفة أن ما فعلناه خطأ كبير، وأنه يجب علينا أن نذبح كفارة عمّا فعلناه, ووالله إنا ما فعلنا ذلك إلا عن جهل وعدم علم, فأرجو الرد ومساعدتي في ما سألتكم عنه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا إثم عليكم - إن شاء الله - في ارتكاب ما كنتم تجهلون حرمته مما يحرم على المحرم، لكن المكلف القادر على التعلم يجب عليه أن يتعلم ما يجب في حقه من فروضه العينية، ويأثم بترك تعلمه.

أما إحرامكم فباقٍ لم ينقطع، فلا تحتاجون لإحرام جديد، والواجب عليكم المضي فيه، وترك محظوراته بعد العلم, فإن استمررتم بعد العلم أثمتم وعليكم الفدية.

أما ما فعلتموه حال جهلكم بحرمته فلا فدية فيه - إن شاء الله - وهي رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل لها بما في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل متضمخ بطيب، فقال: يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بطيب؟ فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه الوحي، ثم سُرِّي عنه، فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفًا، فالتُمس الرجل فجيء به، فقال: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في العمرة كما تصنع في حجك.

قال ابن تيمية في شرح عمدة الفقه: فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بنزع المخيط، ولم يأمره بفدية لما مضى؛ لأنه كان جاهلًا، وكذلك لم يأمره بفدية لأجل الطيب إن كان النهي عنه لأجل الإحرام. اهـ.

وراجع في ذلك الفتوى رقم: 111640.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة