الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

في الإعلام .. دعــاة على أبواب جهنم

  • الكاتب:
  • التصنيف:الإعلام

في الإعلام .. دعــاة على أبواب جهنم

في الإعلام .. دعــاة على أبواب جهنم

الدعاة صنفان:
الأول: دعاة على أبواب جهنم
الثانى: دعاة على أبواب الجنة

وليس هذا التصنيف من عند أنفسنا، ولكنه تصنيف من لا ينطق عن الهوى – بأبي هو وأمي – صلى الله عليه وسلم.. ففي الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشرًّ، فجاء الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شرًّ؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنُكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دُعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله، صفهم لنا. قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. فقلت: فيما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعضًّ بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" "رواه البخاري".

فالدعاة الربانيون هم الذين وقفوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم وأفعالهم، إنهم الدعاة الصادقون الذين يتحركون بدعوتهم خالصة إلى الله عز وجل، من منطلق فهم صحيح لقول الله جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (يوسف:108).

فهم لا يدعون إلى قومية أو عصبية! ولا يدعون إلى دنيا أو جاه! ولا يدعون إلى مصلحة أو مغنم! ولا يدعون لتملق أو هوى! ولا يدعون لكرسي زائل أو منصب فان!
ولا يدعون لجماعة بعينها أو إمام بذاته! بل جماعتهم هي جماعة المسلـمين، ومنهجهم هو القرآن والسنــة، وإمامهم هو إمام الهدى ومصباح الدُّجى محمد عليه الصلاة والسلام، وطريقهم هو طريق السلف رضوان الله عليهم.

إنهم الناصحون المصلحون.. إنهم الداعون إلى تحرير البشر من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.

إنهم المنادون بتخليص الأمة من عصابة الطواغيت التي استبدت بها فغيرت للأمة دينها وعكرت عليها دنياها وأخراها.

إنهم قادة سفينة الإنقاذ بقوة وجدارة في وسط هذه الرياح الهوجاء والأمواج المتلاطمة العاتية.

إنهم الشموع التي تحترق لتضئ للناس طريق الهدى والحق والنور.

إنهم وعى الأمة المستنير.. إنهم فكر الأمة الحر.. إنهم قلب الأمة النابض.. إنهم أطباء القلوب المريضة، والنفوس الجريحة.. إنهم قادة الأمة الذين تتجمع عليهم القلوب وتتآلف حولهم النفوس ومن ثم توجه إليهم الحرب بمنتهى الشراسة والضراوة بمناسبة وبدون مناسبة!!

وهانحن نرى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة تشن عليهم حملة مسعورة شرسة!!

فهم الأصوليون والوصوليون!! وهم الفضوليون والفوضويون!! وهم دُعاة الشغب والفتنة!! وهم المتنطعون والمتشددون!! وهم الإرهابيون والمتطرفون!! وهم السطحيون والتافهون!! وهم سبب تأخر الأمة وسر تخلفها !!

وهُمْ وهُمْ وهُمْ.. إلى أخر هذه التهم المعلبة والجاهزة التي تكال في الليل والنهار!!

وكأن هذه الأقلام وتلك الصحف تقوم بدور الداعي إلى أبواب جهنم حين تسود صفحاتها بالتنفير من دعاة الحق ووصمهم بأقذع الصفات لتزهيد الناس في دعوتهم وفض الناس من حولهم.

فهذه قطوف مما ينشر في صحفنا يكتبها أناس يتزيون بزينا ويتسمون بأسمائنا ويتكلمون بألسنتنا..

فهذا كاتب كتب يقول: "الملتحون الجدد ضعاف الشخصية، إذا جلسوا في المجالس لا يتحدثون ولا يناقشون إنما ينظرون إليك كالمخدرين" "السياسة الكويتية:5663 ".

ويقول في نفس المقال: "بعض الملتحين تذكرك أشكالهم بالصحابة وبعضهم يذكرونك بكفار قريش"!!

وآخر يكتب عن الملتزمين يقول: "ولكنهم في الحقيقة لا يعرفون شيئاً عن العالم لأن عقولهم محدودة الفهم حتى وإن كانوا مثقفين فثقافتهم محدودة"، "وخلت المساجد من الأحزاب الدينية في صلاة العصر والفجر، العصر لأنهم بعد أن يفترسوا الخراف ظهراً يشربون اللبن وينامون حتى غروب الشمس، والفجر لأنهم يحيكون المؤامرات ليلاً ويسهرون حتى الصباح بعيداً عن أعين رجال الأمن" "السياسة الكويتية:5636".

والعجب ما كتبه بعضهم يقول: "أحذركم من الذي يواظب على الصلوات الخمس وهو يغتسل من جنابة الزنا في حمام المسجد"!! "راجع كتاب حقيقة التطرف الديني"

والصحابة أيضا
ثم تجاوز الأمر حدًّه، فلم ينل – فقط – الدعاة وطلبة العلم وأبناء الصحوة، بل لقد نال الدين والصحابة أيضاً!! وإلى حضراتكم بعض النماذج:

ـ "الدين واللغة والتقاليد ثلاثة أمراض اجتماعية" "الرياض:1532"

ـ "الفضيلة والكرامة تعترضان مسيرة النجاح" "مجلة الحسناء:81"

ـ "عادل إمام مثل أبى ذر الغفاري.. يمشى وحده، ويموت وحده، ويبعث يوم القيامة وحده"!! "مجلة المصدر: 3507"

"فى حياتنا اهتمامات لا داعي لها ويمكن أن نلغيها كمعامل الأبحاث الذرية مثلاً؛ لأننا لن نستفيد منها شيئاً.. لكن سوف نستفيد كثيراً لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي تتخرج منه راقصة مثقفة متعلمة لجذب السياح".

فهذا غيض من فيض وتفلة في بحر وقليل من كثير مما يكتب في الصحف والمجلات،، مما يجعل كل صاحب عقل أو فهم يتساءل مع نفسه:

هل هذا فكر أم سبّ وقذف؟!
هل هذا حوار أم إشعال للنار؟!
هل هذه هي أمانة الكلمة؟!
هل هذا هو دور الإعلام في البناء والإصلاح؟!
هل هذه هي إفرازات الصحف والمجلات؟!

هل أصبح الدعاة إلى الله عز وجل ـ والإسلاميون من ورائهم ـ هم المشجب الذي تعلق عليه جميع الأخطاء من قهر سياسي، وظلم اجتماعي، وتحلل إعلامي، وفساد خلقي، وتدهور علمي، وانهيار اقتصادي؟!

هل أصبح الدعاة إلى الله عز وجل هم سببُ تخلف الأمة، وسُّر تأخرها ومعول هدم حضارتها الحديثة؟!

قليلا من الإنصاف والعدل يا قوم لنعرف الحقائق !!

قليلا من التجرد لنعرف من هم الذين يعملون لصالح الأمة ومن هم الذين يقوضون بناءها !!

قليلا من النظر لنعلم من هم الدعاة إلى الجنة ومن هم الدعاة على أبواب جهنم!!

تشويه للتنفير
إننا نعلم أن هذه الحملة الشرسة الضارية على الدعاة إلى الله عز وجل لتشويه سمعتهم وتلطيخ صورتهم وتجريح دعوتهم والنيل منها للحيلولة بينهم وبين الأمة بصفة عامة والشباب المقبل على الله بصفة خاصة لأن أصحاب هذه الحملة يعلمون يقيناً أن هذا الشباب إن عاد مرة أخرى إلى العقيدة الصحيحة القويمة والتف حول قيادة مخلصة أمينة، سيحول مجرى التاريخ مرة أخرى كما تحول أول مرة بالعقيدة الصحيحة والقيادة المخلصة الأمينة.. ومن ثم لم يدخر أعداء الله – في القديم والحديث – وسعاً في تجريح القيادة دوماً لزعزعة الثقة في القائد ولبذر بذور الشك والريبة بينه وبين أتباعه وتلاميذه !!

ولم ينج قائد صادق من هذه الحرب على طول التاريخ قديماً وحديثاً.. كيف وقد نالت هذه الحرب الشعواء القائد الصادق الأمين الطاهر الذي فاضت طهارته على جميع العالمين صلى الله عليه وسلم.

ولكن الأمر المخزي الذي يدمي القلب ويؤلم النفس أن هذه الحرب تعلن على هؤلاء الدعاة القادة وعلى المتمسكين بالدين باسم الإسلام ومن أجل الإسلام للتلاعب بعقول العامة من المسلمين والتأثير على عواطفهم وهذه شنشنة قديمة حديثة أعاذنا الله من شرها ومن شر أصحابها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتاب "خواطر على طريق الدعوة" بتصرف
.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة