الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المودة بين أبي وأخي مقطوعة، فكيف أعمل على إصلاحها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

لدي أخ شقيق وإخوة من أبي، أخي الشقيق لا يصلي إلا قليلا وفي البيت، إلا صلاة الجمعة يصليها جماعة وبعد إلحاح منا -أسأل الله أن يهديه-.

والدي رجل كبير، وهو قاس في التربية، خاصة مع أخي الشقيق، فعندما كان صغيرا كان أبي وإخوتي غير الأشقاء يضربونه، أحيانا بسبب الصلاة، وأحيانا لأسباب أخرى.

في مرحلة الثانوية رافق أصدقاء السوء، وكان دائماً يتهرّب من والدي، ولم يكن اجتماعيا، ولا يذهب إلى اجتماعات الأسرة، وفي الجامعة ترك أصحابه، وتغيرت شخصيته، وتحسنت أحواله، فسافر للدراسة في الخارج.

الآن أصبح موظفا في إحدى الشركات، ويسكن في سكن خاص، ولا يزورنا إلا في غياب أبي، ويتهرب من مواجهة أبي بحجة الانشغال، ويتعذر أنه سوف يراه لاحقا، وهذا حاله دائما، كما أنه أصبح لا يرى إخوتي من أبي ولا أعمامي، علما أن أبي وإخوتي تغيروا عن السابق، وصاروا يحترموننا ويقدروننا.

والدي كبير في السن، وأخشى لو حدث شيء لأبي أن يندم أخي، وأتمنى أن يبر والدي، فقد مضى ثلاثة أشهر وهو لم يره، كما أن آخر مرة سلم على أبي وجلس معه، بعدما ألحّت عليه أمي أن يجلس معه.

عذراً على الإطالة، ذكرت التفاصيل عنه في الصغر لأني أعتقد أن شخصيته هذه تكونت بسبب سوء التعامل معه في صغره، فهو طيب القلب، وبار بأمي جداً، ويحسن معاملتنا أنا وإخوتي، ويلبي احتياجاتنا، لكنه مقصر في الصلاة وفي بره بأبي.

أتمنى أن تنصحوني في كيفية التعامل معه، فوالله أني دائما مشغولة البال به، وينفطر قلبي إذا سأل عنه أبي وقلنا له أنه ذهب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنوف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك معنا، وما جاء في طلب الاستشارة أمر يسير، والذي يمكن أن نشير به الآتي:

- على أخيك أن يعلم أنه لا بد من المحافظة على الصلاة، قال تعالى {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين} [البقرة : 238]

وتوعد الله من يتخلف عن الصلاة ويتكاسل عنها بالعذاب الأليم، قال تعالى {فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون : 4؛ 5]، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " مَن حافظ عليها_ أي الصلاة_ كانَت له نورًا وبُرهانًا ونجاةً يومَ القيامةِ، ومَن لم يُحافِظ علَيها لم يكُن له نورٌ ولا بُرهانٌ ولا نَجاةٌ، وكان يومَ القيامةِ معَ قارونَ وفِرعونَ وهامانَ وأبيِّ بنِ خلف " رواه المنذري في  الترغيب والترهيب و إسناده جيد، ولعلكم قد قمتم بهذا كثيرا، والآن يكفي أن تدعوا له في ظهر الغيب.

- أما قضية العلاقة مع الوالد فهذا أمر يحتاج إلى مصارحة في جلسة معه، وينصح بأنه لا ينبغي أن يظل مستحضراً لما حدث من قسوة من أبيه في الماضي، ولا ينبغي له أن ينتظر من أبيه أن يعتذر منه، وعليه أن يعلم أن الأب قد يكون قاسيا، ولكنها في مصلحة الولد غالبا، وليعلم أن الأب قد أدرك خطأه بعد أن عرف أن ما كان يقوم به مع ولده، فاطلبوا منه أن يصل أباه ولا يعقه، فإن الوالد إذا أخطأ لا ينبغي للولد أن يقابل الخطأ بخطأ، بل ينبغي أن ينس ما حدث، فأبوه سبب وجوده وحقه عليه عظيم.

- وهناك وجه لإصلاح ما بين أخيك وأبيك، لا بأس -إن أمكن- أن تطلبي من الوالد أن يعامل أخاك بنوع من الاهتمام والاتصال به، حتى تعود العلاقة بشكل حسن.

وفقكم الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً