الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا نادمة لأني نذرت بأني سأساعد أمي دائماً في الأعمال المنزلية!

السؤال

في يوم تشاجرت مع أمي ودعوت على نفسي بالموت، خفت كثيراً من أن يصادف دعائي ساعة استجابة، فأصابتني حالة من الهلع والخوف، فقمت ونذرت أنه إن لم يستجب الله دعائي وإن أطال في عمري فإنني سأقوم بمساعدة أمي دائماً في الأعمال المنزلية.

المشكلة أنني خائفة من أن أكون قد قلت سأساعدها كل يوم؛ وذلك لأنه بحكم دراستي فإنني سأضطر لأسافر لأسابيع، وأيضاً إن تزوجت -إن شاء الله- فماذا سأفعل حينها؟

أرجوكم ساعدوني أنا في حالة يرثى لها. أنا نادمة كثيراً على هذا النذر، ويؤثر على صحتي وسعادتي؛ لأنني لا أريد أبداً عصيان الله.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يختار لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

بخصوص ما تفضلت به فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: نحمد الله إليك هذا التدين الذي وفقك الله إليه، فما خوفك من الله ولا حرصك على طاعته وطاعة والدتك إلا دليل خير فيك، نسأل الله أن تكوني خيراً مما نظن.

ثانياً: ما صدر منك من دعاء لم يكن مقصوداً، وإنما كان إظهاراً لضر أصابك، فجرى على لسانك هذا الدعاء، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ). رواه ابن ماجه، وغيره، وصححه الألباني.

ثالثاً: لو قلنا بأن الدعاء كان مقصوداً فاعلمي أن أهل العلم ذكروا أن هذا من قبيل اللغو الذي لا يستجيبه الله رحمة بعبده، جاء في تفسير البغوي: "قال زيد بن أسلم: ومن اللغو دعاء الرجل على نفسه تقول لإنسان: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا، أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدًا، ويقول: هو كافر إن فعل كذا، فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به، ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة، كما قال تعالى: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم}، قال ابن عباس: هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده: لعنكم الله، ولا بارك الله فيكم، قال قتادة: هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب".

رابعاً: النذر الذي قطعتيه على نفسك لم تلزمي فيه النفس بمساعدتها كل يوم؛ لأن هذا متعذر، وعليه فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعليه فما دمت موجودة في البيت غير بعيدة عنه وصحيحة غير عليلة فإن واجب مساعدة الأم عليك قائمة.

وأخيراً: نوصيك بأمك خيراً، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك. والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً