الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يخشى علينا من الزواج والمستقبل، فهل خوفه في محله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والدي العزيز ليس لديه في هذه الدنيا سوى أنا وأختي، وقد ربانا تربية أخلاقية وإسلامية، وهو يخاف علينا بطريقة مبالغ فيها وغير مناسبة، ويردد دائما: أننا خام، أي ليس لدينا تجارب في الحياة، ولسنا خبثاء، ونيتنا حسنة دوما.

أختي مخطوبة منذ سنتين، ووالدي يشعر بالقلق والخوف عليها وعلى سعادتها في المستقبل، خاصة أن الله رزقها بوظيفة ذات دخل مناسب بعد عناء وجهد منها، ووالدي يعتقد بأن خطيبها بعد الزواج قد يستولي ويسيطر على دخلها، ولن تستطيع هي بأخلاقها وطيبتها أن ترده، علما أننا لم نر منه ما يدل على ذلك، إلا أن والدي يفكر بأن الإنسان قد يظهر نفسه بصورة جيدة في مرحلة معينة ثم تظهر حقيقته بعد ذلك، وأنا أرى أن رأيه خاطئ.

إن والدي دوما يستشهد بعمتي وزواجها الذي انتهى بالفشل نتيجة جشع زوجها ومشاكل وتفاصيل أخرى، وهذا الأمر يحزنني ويجعلني أتساءل: هل تربيتنا بهذه الطريقة خاطئة؟ هل خوف والدي له مبرر أم غير مبرر؟ تضاربت الأمور في رأسي حتى أني أصبحت أخاف على أختي.

أصبحت لا أرغب في الزواج، والخروج من المنزل، وأجد صعوبة في كل أمر، وكل هذا لأننا تربينا بأخلاق وشفافية، وأتساءل دوما: ألا يحق لنا أن نعيش ونكون أسرة ونرى فلذات أكبادنا ونستمتع بحياتنا فقط لأننا حسنوا النية؟ وهل الطيبون ليس لهم في الدنيا مكان ولا حياة؟

شكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رفيدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يسعدك في الدنيا والآخرة، والجواب على ما ذكرت يكمن في الآتي:
- بداية عليك أن تحمدي الله تعالى على أن والدك الكريم قد أحسن في تربيتك أنت وأختك، فهذه نعمة فقدتها بعض من الفتيات في مجتمعاتنا الإسلامية، لأن بعض الآباء لا يهتم بتربية بناته تربية إسلامية صالحة.

- مسألة خوف الأب على مستقبلكما وحرصه على أن لا يحصل لكما أذى أو هضم لحقوقكما أنت وأختك في المستقبل، هذا أمر يشكر عليه، وهذا يدل على حبه لكما، وحرصه على مصلحتكما، ولا ينبغي أن يحصل لكما أن تكرها ذلك، بل ينبغي التعامل مع الأمر بالقبول والرضا والثناء على الوالد وعلى حرصه.

- مسألة ما يظهر من الوالد -حفظه الله- من خوف عليك وعلى أختك مما يخشى عليكما في المستقبل، وقد يبدو لكما إنه مبالغ فيه وغير مبرر، فالذي أتمنى منكما أن لا تجادلا فيما يريده لكما فإنه وبعد أن تتزوجي أنت وأختك، فيمكن أن تكون لكما القرار المستقل بالتفاهم مع أزواجكما، ولن يكون للوالد سلطة كبيرة بعد الزواج مثلما كانت قبل الزواج، فلهذا أرجو أن لا يكبر في نفوسكما أن الوالد على خطأ، بل خذا الأمر وكأنه أمر عادي وشيء طبيعي.

- وأما ما ذكرت من خوف الوالد على أن الخاطب لأختك قد يأخذ راتبها أو يتحكم فيه بعد الزواج، فهذا أمر محتمل وقد يكون الوالد على صواب في ذلك، ولهذا يحتاج الأمر إلى تفاهم مع الخاطب من الآن إن أمكن، فلا بد أن تعلمي أن بعض المشاكل الأسرية كان سببه راتب الزوجة، ومما أراه مناسبا أن الزوجة يمكن أن تساهم بالنفقة مع زوجها مقابل أنه يسمح لها أن تعمل بعد الزواج، وبهذا التفاهم يزول تخوف الوالد على أختك، وتكون حياتها الزوجية أكثر استقرارا.

- الإنسان الطيب صاحب النية الصالحة يجعل الله حياته في سعادة واستقرار وعلى أحسن حال، وله مكانة محترمة في المجتمع، ولكن الوالد لا يعني هذا، إنما أن الإنسان الطيب قد يمكر به من بعض الناس وهو لا يشعر، فلهذا هو ينبهكما على هذا، وكلامه في هذا صحيح، وينبغي أن يتقبل نصحه على هذا الوجه، كما قال عمر -رضي الله عنه-: "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني" ومعنى كلامه فليس المُؤمن مُخادعًا غادرًا، كما لا يَسمح لغيره أن يغدر به، ولعل هذا هو مقصود الوالد -حفظه الله- ولهذا أتمنى أن لا يكبر في نفسك فتخافين على حياتك ومستقبلك بسبب وجهة نظر الوالد والتي فيها جانب من الصواب كبير، وعليك أن تعيشي حياتك بشكل طبيعي، لأنه لم يظهر أن الوالد لا يريد لك إلا الحياة الأسرية المستقرة، ولن يكون -إن شاء الله- سببا في جلب التعاسة لك أو لأختك، فأرجو محاولة تجاهل الأمر، والتعامل مع نصائح الوالد بإيجابية، وأنه لا يريد لكما إلا كل خير.

وفقكما الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً