الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جاءتني فرصة ثمينة وفرطت فيها وندمت أشد الندم

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 26 عاماً، جاءتني فرصة على طبق من ذهب قبل 4 سنوات كانت لتغير مجرى حياتي بأكملها، اجتماعيًّا ومهنيًّا ونفسيًّا ولكني فرطت فيها سفاهة وجهلاً.

الآن نادمة أشد الندم، وأفكر دائمًا فيما لو أني فكرت في الأمر مرة أخرى كيف سيكون الحال؟!

ثم وجدتني أغرق في تفاصيل الماضي التي لا تزيدني غير حسرة ولا أعرف كيف أنسى وأعيش اليوم كما كنت سابقًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد .. وبعد:

لا شك أن الندم والتأسف على فوات محبوب أو الوقوع في مكروه طبيعة بشرية، نتيجة الضعف البشري، لكن المؤمن بالله تعالى وبالقدر خيره وشره والمؤمن العاقل يعلم بأن الندم أمر عبثي لن يعيد الأمور كما كانت، بل إنه يزيد النفس ألماً وحزناً، ويعيقها عن الإصلاح والتصحيح.

الرضا – أختي العزيزة – من مقامات الإيمان واليقين، والتحلي به يحتاج إلى لزوم العبادة والذكر والعلم والشكر والرضا والقناعة والصبر.

التفكير بالحصول عليه أنه تزول الآلام والأحزان بل العكس، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم) وقال سبحانه: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه والله بكل شيء عليم)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن عِظَم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (وأسألك الرضا بعد القضاء) قال تعالى: (إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر).

مما يدعو المؤمن إلى الرضا بالقضاء تحقيق إيمانه بمعنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم – : (لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له: إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن) رواه مسلم.

كن عن همومك معرضاً
وكِلِ الأمور إلى القضا
أبشر بخيرٍ عاجل
تنسى به ما قد مضى
فلرب أمرٍ مسخطٍ
لك في عواقبه رضا.

أوصيك – أختي العزيزة – باستحضار هذه النصوص الشرعية والدلائل العقلية، والتحلي بالحزم وحسن الظن بربك والثقة بنفسك، والاستعانة بالله والتوكل عليه في أمورك، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والاستخارة والاستشارة فيما يقلقك ويهمك، والمضي في حياتك بتفاؤل وطموح.

ما مضى فات والمؤمل غيب
ولك الساعة التي أنت فيها.

أنت أقدر على مدافعة ومجاهدة وساوس النفس والهوى والشيطان التي تصدك عن الرضا بالله وأقداره المؤلمة، فالمرء حيث يضع نفسه كما يقال:

وما المرء إلا حيث يجعل نفسه
ففي صالح الأعمال نفسك فاجعلِ.

فرج الله همك، ويسر أمرك، وشرح للإيمان والرضا بالقدر صدرك، ورزقك التوفيق والسداد، والهدى والصبر والرشاد، والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً