الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أبر والدتي وأصبر على شدتها وسوء ظنها؟

السؤال

كيف أبر والدتي وأصبر؟ أمي تظن بي السوء دائما، وتطعن في عرضي بما أنا وبشهادة الله بريئة منه، ولا أتحمل السكوت على الرغم من محاولتي لعدم رفع صوتي، وكثيراً ما تسبب لي المشاكل، ولا أشعر منها بأي مودة، بل دائما أجد منها المادية والمصلحة، إضافة إلى ربط الدين ببرها بأمور تافهة كأن تقول: إذا خرجت مع صديقتك الفلانية فأنا غير راضية عنك وربنا غاضب عليك، وهذا أمر تافه، ولا يوجد فيه أي معارضة للدين بالأصل، وهذا فقط؛ لأنها تبغض صديقتي لسبب عاطفي فقط، ولا شأن له بالدين، لا أعرف كيف أصبر، أدعو دائما أن يرزقني الله الصبر على كل السلوكيات منها وإيذائها المعنوي لي.

في إحدى المرات بعد انتهاء عملية جراحية لي لم أجد منها إلا الشماتة، وهذا يؤلمني كثيرا، ولا أعرف للصبر والبر طريقا، أحاول أن أضبط أعصابي، لكن كثيرا ما أفشل وأنهمر بالصراخ ورفع الصوت، وأنا لا أريد أن أكون غير بارة بها، لكنني حقاً لم أعد أحتمل أكثر، الكثير من الأمور الأخرى لم أطرحها، ولكن هذا أجدد ما يمر معي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ask حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن الصبر على الوالدة من أهم وأكبر أبواب برها، وإذا لم يصبر الإنسان على أمه، فعلى من سيكون الصبر، ولا يخفى على أمثالك من الفاضلات أن الوالدة تظل والدة مهما حصل منها.

كما أن قسوتها أو سخريتها أو تقصيرها لا يبيح لنا التقصير، والثواب عند ربنا الغفور القدير، ونبشرك بأنك ستخرجين من الحرج إذا قمت بما عليك؛ لأن البر عبادة لرب العالمين، وإذا قمت بما عليك فلن يضرك ما يحصل، وقد جاء في ختام آيات البر قول الله: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا} قال العلماء في الآية عزاء لمن تقوم بما عليها ولا تجد اعترافا أو تقديرا من الوالد أو الوالدة.

ولكي تقومي بما عليك كاملا، فإننا نوصيك بما يلي:
1- اللجوء إلى الموفق للخيرات رب الأرض والسموات.
2- حفظ مقام الوالدة وعدم مجاراتها، أو مجادلتها فهي ليست زميلة أو شقيقة، بل هي أم.

3- تفادي ما يغضبها مهما كان، حتى لو كان من الأمور المباحة، وإذا احتجت إلى فعل شيء حلال ومقبول ولكنها لا ترضاه فلا تفعليه أمامها، ولكن احتالي لذلك حتى لا تنزعج وتتضايق.

4- احرصي على إظهار ما يطفئ سوء ظن الوالدة ويطرده، وذلك بالحرص على التصرفات الجيدة وقبل ذلك مراعاة الآداب الشرعية.

5- إذا غضبت فابتعدي عن الوالدة، ثم تعوذي بالله من الشيطان، واذكري ربنا الرحمن، ثم عودي إلى الوالدة بعد عودة الهدوء إلى نفسك.

6- نتمنى أن تختاري صديقات صالحات ممن تقبل بهن الوالدة، ولا تظلمي الصديقة المذكورة، ويمكن أن تخففي من علاقتك بها، أو تتواصلي معها بطريقة لا تؤذي الوالدة، واحترمي مشاعر الوالدة، وقد ترك عدد من السلف أصدقاء لهم عندما رفضتهم أمهاتهم.

7- اقتربي من الوالدة واجعليها صديقة لك؛ لأنها قد تتضايق من كل من تشغلك عنها، بل ربما تغار من صديقة تأخذك منها أوقاتا طويلة.

8- تواصلي مع موقعك حتى نتعاون في الوصول إلى الخطة المناسبة في التعامل مع الوالدة، ونتمنى أن يكون الواصل بعد تنفيذ ما طلبناه منك.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونكرر لك الشكر على الاهتمام الذي دفعك للسؤال، ونوصيك بمداراة الوالدة، والمداراة هي أن نعامل الإنسان بما يقتضيه حاله، وحفظ مقامها وتجنب رفع الصوت عندها، ولا تنزعجي من اتهاماتها، أو سوء ظنها، فأنت أعرف بنفسك، واختاري الأوقات والألفاظ المناسبة للتعبير عن كل ما يضايقك، واعترفي للوالدة بفضلها، فهي مع الوالد السبب في وجودك بعد الله.

لك منا الدعاء، ونسأل الله أن يوفقك، ويسدد خطاك، وأن يرزقنا جميعا بر آبائنا وأمهاتنا في حياتهم وبعد مماتهم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً