الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع ابنتي التي تخاف من أشياء كثيرة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

رزقني الله 4 أبناء، بنتين وولدين، مشكلتي مع ابنتي الكبرى، هي الآن في ختام المرحلة الإعدادية، وعمرها 14 عاما، شديدة الخوف والتفكير في الجن والموت والأمور الغيبية، تخاف أن تخرج من الغرفة إذا كان النور منطفئا رغم جلوسنا معها، وتخاف أن تدخل المطبخ مثلا رغم أن الشقة كلها 90 م، لا بد أن تأخذ أحدا من إخوتها معها.

تخاف من النوم في الظلام أو الإضاءة الخافتة جدا، تقوم في أوقات مختلفة من نومها مفزوعة تصرخ، ليس لها اهتمام بأي شيء في حياتها سوى التفوق، فهي -والحمد لله- إما الأولى أو الثانية على مدرستها، تحفظ حاليا ما يقارب العشرة أجزاء من القرآن.

عندها مشكلة كبيرة في السرحان في الصلاة، لدرجة أنها فترت في بعض الأوقات عن الصلاة، وأحست باليأس، مرت بمشكلة مع الوضوء، وإعادة الوضوء ثلاث مرات، وإعادة الصلا ة أكثر من مرة، أخذت علاجا للوسواس القهري عن طريق نصيحة من صديق طبيب نفسي (انفرانيل 75 sr).

أخشى أن تكون مرحلة التعامل الصحيح مع حالتها قد مرت منذ وقت طويل، خاصة أنها تعاني من ذلك منذ سنة ونصف تقريبا، كما تعرضت لحادث تحرش بأن مد أحدهم يده لملامسة صدرها، فأصابتها حالة من الفزع وهي تصرخ وتحدثنا في الهاتف، وقد تسمرت في مكانها حتى وصلت إليها، وكانت في طريقها للمدرسة، وحاولت مواساتها وإفهامها أن هذا أمر يحدث الآن في مجتمعاتنا للأسف وليس لك ذنب فيه، لكنها تلوم نفسها وتقول: بالتأكيد أنا السبب، فعلت كذا، أو وقفت ولم أفعل كذا، أو كان من المفترض أن أفعل كذا، وهل سيحاسبني الله على هذا، وهل إحساسي بشعور الاحتلام في الحلم سيحاسبني الله عليه؟

احترت في كيفية التعامل معها، أخبروني بالله عليكم ماذا أفعل، وكيف أتعامل مع حالتها بخطوات واضحة ومحددة، مع العلم أنه حدث لها موقف لن أنساه قد يفدكم في حالتها:

كانت صغيرة تقريبا 5 أو 6 سنوات، جاءتني ذات ليلة عندما رجعت من عملي تبكي كثيرا وأهدئها وأسألها ماذا حدث؟ فقالت لي: أثناء انشغال أمها بأعمال البيت شاهدت منظرا بالتلفزيون، كان تقريبا قبلة، أو منظرا عاطفيا، أو راقصة، وكانت خائفة جدا من الله، وقالت: هل سيعاقبني الله؟ فقلت لها: إن الله يعاقب المصر على الخطأ، وليس من يقع في الخطأ دون أن يعلم، وأنتِ علمتِ أن هذا خطأ فلا تعاودي، وطلبت منها إخفاء مفاتيحي دون أن يراها أحد، فذهبت وأخفتهم، وبعدها سألتها هل رآك أحد؟ فقالت: لا، فكررت معها الموضوع ثلاث مرات حتى أخبرتها: أن الله يرانا، ولا بد أن تعلم ذلك ظنا مني أنني أبني فيها المراقبة لله.

أطلت الحديث، ولكن أعلم أنكم تؤجرون، وليس كلنا يستطيع أن يصيغ الحوار بما قل ودل.

أنتظر ردكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شريف حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخانا وأستاذنا الفاضل- وأشكر لك التواصل مع موقعكم، وأحيي حسن العرض للسؤال، وأسأل الله أن يحفظ ابنتنا ويصلح الأحوال، ويقدر لها الخير ويحقق لكم بها ولها الخير والآمال.

ابنتنا بحاجة إلى رقية شرعية وأخصائية نفسية، ونأمل أن تعرض حالتها بتفصيل أكثر على إخواننا وأساتذنا المستشارين النفسيين في موقعك، ونؤكد لك أن كل من في الموقع يتشرفون بخدمتكم.

لا شك أن الوساوس لها علاقة بالحرص الزائد على الكمال، والرغبة في التميز اللا محدود، كما أن الشيطان إنما يقعد في طريق من تريد الخير، واقضوا حوائجكم بالكتمان، وتعوذوا من أعين بني الإنسان ومن الجان، ورسخوا في نفسها التوكل على ربنا الرحمن، ومما نوصيكم به ما يلي:

1- كثرة اللجوء إلى من يجلب الخير ويكشف الضر سبحانه.

2- تكثيف الرقية الشرعية من قبلكم كوالدين؛ لأن الرقية دعاء، ودعاء الوالدين أقرب للإجابة، ولا مانع من عرضها على راق شرعي يقيم الرقية على قواعد ووفق ضوابط الشرع.

3- اجتهدوا في محو الملفات القديمة من ذاكرتها، واشغلوها عن التفكير السلبي.

4- لا تستعجلوا في استخدام العقاقير، وحاولوا تغيير القناعات بالحوارات.

5- علموها أن من أهم خطوات ووسائل علاج الوسواس إهماله.

6- تجنبوا إظهار الجزع، أو إعلان العجز أمامها، وتفاءلوا بالخير تجدوه.

7- تأخروا في الاستجابة لها، وشجعوها على اقتحام الظلام، وجربوا أمامها حتى يسهل عليها التقليد.

8- راقبوا ما تشاهده، وتخلصوا من المواقف والمناظر المؤثرة والمخالفة للقيم.

9- إشعارها برحمة الرحيم، وبأنه سبحانه لا يحاسبنا على ما نحدث به أنفسنا، ولا يؤاخذنا بما أخطانا فيه أو نسينا، بل إنه سبحانه قال عن نفسه: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى".

10- تنمية قدراتها على الدفاع عن نفسها، وتنبيهها بأن الله العظيم يدافع عن الذين آمنوا.

11- الاستمرار في التواصل مع موقعكم.

وهذه وصيتنا لكم ولأنفسنا بتقوى الله الذى بيده ملكوت كل شيء، وإليه سبحانه مرجعنا جميعا، وهو سبحانه أرحم بنا من أمهاتنا.

ونسأله سبحانه التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً