أعاني من مشكلة الخوف على شعور ومصلحة الآخرين أكثر من نفسي

2016-01-26 03:41:14 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أعاني من مشكلة تؤرقني في كل حياتي، وهي أني أخاف على شعور ومصلحة الآخرين أكثر من نفسي، كثيرون يطلبون مني طلبات ويفعلون أشياء لا أستطيعها ولا أتحملها، وأجد نفسي أوافق على تلك الطلبات، ولا أعلق على أي تصرف يزعجني أو يسبب إحراجاً لي؛ وذلك لخوفي من إحراج الآخر أو توبيخه.

لدرجة أن مدرائي في العمل يشتكون من أني لطيف للغاية مع الموظفين, وعلمت أن هناك دواءً يمكن أن يثبط هذا الشعور، ويعطي فرصة للتعبير عن الشعور الحقيقي، فأرجو النصيحة.



الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هانئ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: الذي تتحدث عنه هي سمة أو صفات تتصف بها، والناس تتفاوت حقيقة في درجة تفاعلها مع الآخرين، استجابتهم للآخرين، وما تحدَّثتَ عنه يجعلني أشعر أنك رجلٌ فيك حياء، والحياء خير كله، والحياء من الإيمان، والحياء أمر عظيم، وكل الذي تحتاجه هو أن تُعدِّل من منهجيتك، أن تبنِ فكرًا جديدًا يقوم على أساس أن الإنسان له محدودية في الاستجابة لما يُطلب منه، وهناك أسبقيات، ويجب أن تعرف أن لنفسك عليك حقاً، ويجب أن تضع خطوطًا واضحة جدًّا، مثلاً مساعدة الضعيف تحت أي ظروف، أمر عظيم وأمر ممتاز، لكن المساعدة أو الاستجابة لطلبات مَن هو مُقتدر أو مَن تحسّ أنه يحاول أن يستنزفك أو يستغلك؛ فهذا يمكن أن تتجاهله، وليس من الضروري أن تعتذر أنك لم تستطع أن تُلبي ما يطلب منك.

أريدك أن تُمثِّل نوعًا من القِصص، لا أقول الخيالية، لكنها قصص من الواقع، تُدرِّب نفسك، مثلاً تضع سيناريو: (أتاني فلان وطلب مني مبلغًا من المال، وقال لي سوف أردّه لك بعد فترة كذا وكذا، وأنا أعرفُ أنه قد لا يستطيع أن يردَّه، وأن هذا الشخص ذو سُمعةٍ سيئة في هذا المجال، ما هو الردّ المناسب الذي يجعلني لا أستجيب لطلبه؟) وهنا الأمر في غاية البساطة، أن تقول له: (آسفٌ، في الوقت الحاضر لا أستطيع أن أُلبي طلبك، فأرجو أن تعذرني، وأسأل الله أن يُسهِّل أمرك) وهكذا.

ضع هذه النماذج التي يمكن أن تواجهك في الواقع، ضع النموذج، وفي ذات الوقت ضع الحل وكيف تواجه الموقف، وهكذا.

الأمر في غاية البساطة من وجهة نظري، ولا تُطالب نفسك أبدًا بالتغيير الكلي في فترة قصيرة، لا، هذا لا يأتي، الأمر يتطلب منك التدرُّج والصبر، وأن تكون لك بالفعل العزيمة على التغيير، ويجب ألَّا تعتقد أن كل ما تقوم به هو أمر مرفوض، هذا أمرٌ فيه الكثير من الإيجابيات.

أريدك أيضًا أن تتخيَّر صُحبتك، وتتخيَّر مَن يكون حولك، تُخالل الصالحين المتميزين، هؤلاء غالبًا لديهم الحِس، ولديهم الرؤيا اللطيفة والجميلة، ولا يمكن أن يطلبوا منك أشياء يعرفون مُسبقًا أنها تُسبب لك حرجًا أو ليس من الداعي أن يفعلوا.

المبدأ العام - أخِي الكريم - هو أن يكون بيننا وبين الناس مودة ورحمة، المودة دائمًا تكون وسط المتكافئين، الذين هم على مستوى واحدٍ، أمَّا الرحمة فهي دائمًا من القوي إلى الضعيف.

اجعل هذا منهجك، ولا تلتفت أيضًا كثيرًا إلى ما يقوله الناس حولك، نعم يجب ألَّا نتجاهل ما يُقال عنَّا أو يُقال لنا، لكن في نهاية الأمر حُكمنا على الأمور يجب أن ينطلق من ذواتنا، ويجب أن يكون باختيارنا، وما نتردد فيه نصبر عليه ونتمحَّص ونستخير ونستشير حتى نصل إلى القرار الصحيح.

أخِي الكريم: لا يوجد دواء حقيقةً يُغيِّر المشاعر، وأصلا إن وُجد هذا الدواء أنت لست بحاجة إليه.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net