الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفتوى ومتطلبات الواقع ومتغيراته

السؤال

أحيانا نسمع من بعض المشايخ والخطباء استنادهم في بعض الفتاوى والآراء على أقوال العلماء السابقين أمثال ابن تيمية وابن القيم والجوزي وغيرهم ، فهل يجوز ذلك ؟؟ خاصة أن مع مرور الزمن يظهر علماء ومفكرون تتغير آراؤهم عن أراء السابقين بسبب متغيرات الحياة والواقع ومتطلباته. فهل نحن ملزمون بقبول تلك الآراء القديمة التي كانت تتناسب مع وقتهم ؟ أرجو أن يكون مقصدي من السؤال واضحا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنحن المسلمين لسنا بملزمين إلا بطاعة الله تعالى، وطاعة من أَمَرَنا سبحانه بطاعته، كطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث يقول تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ {النساء: 80} ويقول: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ {النساء: 64}.

ومن هذا الباب طاعة أهل العلم القادرين على استنباط الأحكام من نصوص الوحي المعصوم، لأنهم في الحقيقة مبلغون عن الله تعالى، ولذلك جمعهم الله تعالى مع الرسل، كما في قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * {النحل: } وقوله عز وجل: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ {النساء:83}

فإذا اختلف أهل العلم في مسألة، فلا يمكن أن يخرج الحق عن أقوالهم، ولذلك كان إجماعهم حجة شرعية ملزمة. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 116942.

ولذلك اتفق قول جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز إحداث قول جديد في مسألة اختلف فيها أهل العلم قديما واقتصروا فيها على أقوال معينة، بل يتخير من أقوالهم ويعتمد الأصح منها، بحيث لا يرفع حكما مجمعا عليه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 2673، 41624.

ومبنى ذلك على أن شرع الله تعالى لا يتغير بتغير الزمان والمكان، وذلك أن الله تعالى الذي شرعه يعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف سيكون.

وننبه هنا على مسألة مهمة، وهي أن ثبات الأحكام الشرعية لا يعني أن الفتوى لا يمكن أن تتغير مع تغير الأحوال والأزمان، ولكن يعني أن هذا التغير نفسه لا بد أن يكون مستندا إلى الشرع وأدلته، ولا يصح أن يكون بالرأي المجرد والهوى المتبع، وقد سبق أن فصلنا ذلك وبيناه، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 130967، 81013، 25069.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني