الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النمص...معناه...وأدلة المانعين منه

السؤال

ما هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلته؟ وهـل يباح ذلك بإذن الزوج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد ورد تحريم النمص في جملة من الأحاديث، منها ما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله.
قال عبد الله: ما لي لا ألعن من لعن رسول الله وهو في كتاب الله: (وما آتاكم الرسول فخذوه)
وما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لُعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء.
وقد اتفق الفقهاء على تحريم نتف الحاجبين لغير المزوجة، وللمزوجة إذا لم يأذن زوجها في ذلك.
واختلفوا في ما عدا ذلك، وسبب اختلافهم يرجع إلى أمرين:
الأول: اختلافهم في معنى النمص، هل هو النتف خاصة، أم مطلق الأخذ من الشعر سواء كان بالنتف أو الحف (الحلق).
الثاني: اختلافهم في علة المنع، فمن رأى أنها التدليس والغش أجاز ذلك بإذن الزوج، ومن رأى أنها تغيير خلق الله ابتغاء الحسن -كما هو المصرح به في الأحاديث- منع ذلك مطلقاً أذن الزوج أو لم يأذن، وهذا هو الصواب في المسألة.. ويدل عليه أمور:
الأول: أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم استثناء المتزوجة.
الثاني: أن النمص والوشم والوصل من جنس واحد، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم تحريمه بعلة واحدة هي تغيير خلق لأجل الحُسن، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لم يرخص للمتزوجة في وصل شعرها، مع إذن زوجها، بل وأمره لها بذلك.
ففي الصحيحين وهذا لفظ البخاري: عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها. فقال: " لا، إنه قد لُعن الواصلات."
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحوجنا إلى البحث عن علة التحريم في هذه الأمور، بل صرح بذلك في قوله: " للحسن المغيرات خلق الله" ، فلا وجه لأن يقال: إن العلة هي التدليس فيباح ذلك بإذن الزوج.
وأما معنى النمص، فقيل: هو نتف شعر الوجه، وقيل: هو الأخذ من شعر الوجه، وقيل: إن ذلك مختص بالحاجبين.
قال أبو داود في سننه بعد ذكر الحديث السابق: والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنمصة المعمول بها.
وقد قصر الحنابلة التحريم على النتف وأجازوا الحلق. وخالفهم الشافعية والمالكية فمنعوا مطلق الأخذ.
ومما يرجح اختصاص النمص المحرم بالحاجبين ما جاء عن عائشة رضي الله عنها من الترخيص للمرأة أن تحف جبينها لزوجها. أخرجه الطبري ، كما قال الحافظ في الفتح.
ورواه عبد الرزاق في مصنفه، وفيه أن المرأة قالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتقرب بذلك لزوجي؟ فقالت: أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة.
وهذا يدل على أنه يجوز للمرأة حلق شعر الوجه ونتفه، عدا الحاجبين.
وينبغي التنبه إلى أن ماكينات الحلاقة الحديثة التي يستعملها النساء تنتف الشعر لا تحلقه.
وعلى المرأة أن تتقي الله تعالى وتحذر من الدخول تحت هذا الوعيد الشديد الذي هو لعن، عياذاً بالله من ذلك.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني