الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القول بالمصادفة بعيد عن المعقول

السؤال

وددت لو أعرف كيفية الرد على من يزعمون بأن الكون وليد الصدفة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن من جملة الشبه القديمة، والحديثة، التي حاول -ويحاول- أصحابها أن يجعلوها علة لوجود الكون، القول بالمصادفة، وهذا القول ليس قولًا بعيدًا عن الصواب فحسب، بل هو قول بعيد عن المعقول، يدخل صاحبه في عداد المصابين بالجنون، أو الخرف، يقول وحيد الدين خان بعد أن نقل قول هؤلاء: إن أي كلام من هذا القبيل، لغو مثير، بكل ما تحويه هذه الكلمة من معانٍ، فإن جميع علومنا تجهل إلى يوم الناس هذا أية صدفة أنتجت واقعًا عظيمًا ذا روح عجيبة في روعة الكون. وقال: إن الرياضيات التي تعطينا نكتة المصادفة، هي نفسها التي تنفي أي إمكان رياضي في وجود الكون الحالي بفعل قانون المصادفة.

وخذا هذا المثال الذي نقله وحيد الدين خان عن العالم الأمريكي كريستي موريسون، يبين فيه استحالة القول بوجود الكون صدفة، قال: لو تناولت عشرة دراهم، وكتبت عليها الأعداد من واحد إلى عشرة، ثم رميتها في جيبك، وخلطتها جيدًا، ثم حاولت أن تخرج من الواحد إلى العاشر بالترتيب العددي، بحيث تلقي كل درهم في جيبك بعد تناوله مرة أخرى، فإمكان أن تتناول الدرهم المكتوب عليه واحد في المحاولة الأولى هو واحد في العشرة، وإمكان أن تخرج الدراهم: (1،2،3،4) بالترتيب من (1 إلى 10) بالترتيب واحد في عشرة بلايين، وعلى ذلك؛ فكم يستغرق بناء هذا الكون لو نشأ بالمصادفة!؟ إن حساب ذلك بالطريقة نفسها، يجعل هذا الاحتمال خياليًّا، يصعب حسابه، فضلًا عن تصوره.

مثال آخر ذكر الدكتور/ عبد المجيد الدمرداش في مقدمة كتاب: "الله يتجلى في عصر العلم" قال: إذا كان لدينا صندوق كبير مليء بآلاف عديدة من الأحرف الأبجدية، فإن احتمال تنظيم هذه الحروف؛ لكي تكون قصيدة مطولة من الشعر، أو خطابًا من ابن إلى أبيه، فإنه يكون ضئيلًا، إن لم يكن مستحيلًا، وقد حسب العلماء احتمال اجتماع الذرات التي يتكون منها جزيء واحد من الأحماض الأمينية (وهي المادة الأولية التي تدخل في بناء البروتينات، واللحوم)، فوجدوا أن ذلك يحتاج إلى بلايين عديدة من السنين، وإلى مادة لا يتسع لها هذا الكون المترامي الأطراف، هذا لتركيب جزيء واحد على ضآلته، فما بالك بأجسام الكائنات الحية جميعًا من نبات، وحيوان!؟ وما بالك بما لا يحصى من المركبات المعقدة الأخرى!؟ وما بالك بنشأة الحياة، وبملكوت السماوات والأرض!؟ إنه يستحيل عقلًا أن يكون ذلك قد تم عن طريق المصادفة العمياء، أو الخبطة العشواء، لا بدّ لكل ذلك من خالق مبدع عليم خبير، أحاط بكل شيء علمًا، وقدّر كل شيء ثم هدى. انتهى.

وننصح الأخ الكريم بقراءة كتاب: "للكون إله" للدمرداش، وكتاب: "الله يتجلى في عصر العلم"، وكتاب: "الإسلام يتحدى"، وكتاب: "التوحيد" للزنداني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني