الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كراهية الموت بين الذم وعدمه

السؤال

ما حكم كرتون: البطل، قال إنه لا يريد الموت رغم المتاعب، ولم يقل لله، ولا لشيء (يحمد ولا ينكر)؟
وما حكم بطل جاسوس دولي (يحمد ولا ينكر)؟
ما حكم كرتون فيه السفر عبر الزمن، ينكر فقط لذلك؟ أو مع تأثير كل الأشياء؛ لأن هناك فتوى أباحت الكرتون، بشرط أن الأغلب ما يحمد على ما ينكر، أي السفر عبر الزمن بحد ذاته منكر، لكن ما يؤثر به من تسلسل تغير أقدار، هو ما ينكر أيضا في كل مرة تغير قدر.فصِّلوا لي.
وإذا كان الجواب بنعم كذلك، لماذا ليس إلقاء البطل الموز على الأرض الذي هو منكر، يكون تسلسل سقوط أحد منه وتعب غيره، منكرا أيضا مثل السفر عبر الزمن؟
أرجو إرسال جواب واضح، وعدم القول إن السفر عبر الزمن كله، اترك الكرتون.
أريد جوابي بالضبط.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا يمكننا الحكم على هذه الأفلام؛ لعدم اطلاعنا عليها اطلاعا كافيا.

ولكنا نبين لك حكم أولى المسائل التي ذكرت؛ فإن عدم إرادة الموت يشمل نوعين: أولهما كراهة الموت، التي هي من طبيعة الكائن الحي التي جبل عليها، وهذه الكراهة الطبيعية ليست مذمومة شرعاً، ولا يجب على المسلم إزالتها، وليس مكلفاً بذلك؛ لأنه ليس في طوقه، ففي الصحيحين وغيرهما عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله؛ أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله؛ كره الله لقاءه. فقلت: يا نبي الله؛ أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت، فقال: ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته، أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، وكره الله لقاءه.

وأما الثاني فهو القسم المذموم شرعاً، وهو ما كان من ضعاف الإيمان الغافلين عن الآخرة، المتشبثين بالدنيا، المتبعين لشهواتها وملذاتها، وهذا هو الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوهن، في الحديث الذي أخرجه أبو داود وأحمد عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله؛ وما الوهن؟ قال حب الدنيا، وكراهية الموت. وقد سبق بيان ذلك بتفصيل أكثر، في الفتوى رقم: 40902، والفتوى رقم: 80408 فنرجو أن تطلع عليها.
هذا؛ وننبه الى أن تذكر الموت والاتعاظ به، أمر مطلوب شرعاً، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.

وقال السدي في قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور {الملك: 2} أي: أكثركم للموت ذكراً، وله أحسن استعداداً، ومنه أشد خوفاً وحذراً.

قال الإمام القرطبي في التذكرة: قال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت، عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة. انتهى.
ونكتفي بجواب سؤالك عن الفلم الأول، ونرحب بسؤالك عن الباقي في رسالة أخرى، التزامًا بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة يجاب السائل على الأول منها فحسب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني