الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقدار ما يجوز للرجل من التصرف في ماله صدقةً وهبةً ووصيةً حال صحته وحال وفاته

السؤال

ما مقدار الثروة التي يستطيع الإنسان أن يوصي بها بوصية خاصة بعد موته؟ فهل له مثلًا أن يوصي بأكثر من نصف ثروته؟ وإذا كان هذا لا يصح، فهل يستطيع أن يتصرف بثروته وهو حي، كأن يهب نصف ثروته لغير الورثة، أو تفضيل أحد الأبناء في العطية؟ شكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالمقدار المأذون شرعًا بالوصية به هو ما لا يزيد عن الثلث، فيجوز أن يوصي بما لا يزيد عن ثلث تركته؛ لحديث: إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ، زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ. رواه أحمد، وابن ماجه. ولحديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا ذُو مَالٍ, وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا اِبْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ, أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي? قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ? قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ? قَالَ: «الثُّلُثُ, وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ, إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وأما تصرفه في ماله في حياته، فإن كان مريضًا مرضًا مخوفًا يغلب على صاحبه الهلاك، فإن تبرعاته تأخذ حكم الوصية، وليس له أن يتصدق، أو يهب أكثر من الثلث.

وإن كان في غير مرض مخوف، فله أن يهب، أو يتصدق بما يريد من ماله؛ بشرط أن لا يُضيع نفقةً واجبةً عليه؛ كالنفقة على زوجته وعياله؛ لحديث: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

وليس له أن يؤثر في حياته أحد الأولاد بالهبة دون الآخرين؛ لحديث: اتَّقُوا اللَّهَ, وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ. متفق عليه.

كما ليس له أن يوصي لأحد ورثته بشيء؛ لحديث: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ, فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني