الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شراء القطط للمساعدة في علاج مرض الاكتئاب لدى الإنسان

السؤال

ما حكم شراء القطط؛ للمساعدة في علاج مرض الاكتئاب لدى الإنسان؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن بيع القطط وشراءها، محل نزاع بين الأئمة، وجمهورهم -ومنهم أرباب المذاهب الأربعة المشهورة-على أنه ليس بمحرم.

وقد بسط ابن رجب القول في بيان حكم بيع الهر، في جامع العلوم والحكم، فقال: فأما بيع الهر، فقد اختلف العلماء في كراهته، فمنهم من كرهه، وروي ذلك عن أبي هريرة، وجابر، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وجابر بن زيد، والأوزاعي، وأحمد في رواية عنه، وقال: هو أهون من جلود السباع، وهذا اختيار أبي بكر من أصحابنا.

ورخص في بيع الهر ابن عباس، وعطاء في رواية، والحسن، وابن سيرين، والحكم، وحماد، وهو قول الثوري، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه، وعن إسحاق روايتان، وعن الحسن أنه كره بيعها، ورخص في شرائها للانتفاع بها.

وهؤلاء منهم من لم يصحح النهي عن بيعها، قال أحمد: ما أعلم فيه شيئًا يثبت أو يصح، وقال أيضًا: الأحاديث فيه مضطربة.

ومنهم من حمل النهي على ما لا نفع فيه، كالبريّ، ونحوه.

ومنهم من قال: إنما نهى عن بيعها؛ لأنه دناءة، وقلة مروءة؛ لأنها متيسرة الوجود، والحاجة إليها داعية، فهي من مرافق الناس، التي لا ضرر عليهم في بذل فضلها، فالشحّ بذلك من أقبح الأخلاق الذميمة؛ فلذلك زجر عن أخذ ثمنها. اهـ.

وقد ملنا إلى رجحان التحريم -كما في الفتوى رقم: 139979، وغيرها-.

وعليه؛ فالظاهر أن ما ذكرته ليس بمسوّغ للشراء، إلا إن كانت الحاجة للقطة حقيقية -ومرجع هذا إلى قول الأطباء، وأصحاب الاختصاص-، ولم يمكن الحصول على القطة إلا عن طريق الشراء.

وعلى كل حال؛ نقول لك: إن شئت أخذت بقولنا، وإن شئت أخذت بقول الجمهور في هذه المسألة، ولا تثريب عليك في ذلك، ولا يعد هذا -بمجرده- من تتبع الرخص المذموم.

ومما ذكره العلماء: أن المفتي له أن يخير السائل في بعض مسائل الخلاف السائغ -لا سيما للمصلحة-، جاء في كشاف القناع: (وله) أي: المفتي (تخيير من استفتاه بين قوله، وقول مخالفه)؛ لأن المستفتي يجوز له أن يتخير، وإن لم يخيره، وقد سئل أحمد عن مسألة في الطلاق؟ فقال: إن فعل حنث، فقال السائل: إن أفتاني إنسان لا أحنث، قال: تعرف حلقة المدنيين؟ قال: فإن أفتوني حل؟ قال: نعم. اهـ.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 319819.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني