في المعاريض مندوحة عن الكذب

10-12-2011 | إسلام ويب

السؤال:
سؤالي هو: هل الكذب على زوجي في القيام بفعل النوافل عليه من إثم؟ في بعض الأحيان أستيقظ قبل الفجر منتصف الليل فأقوم وأتوضأ وأصلي، وعندما يشعر بي زوجي, فأسمع منه مالا يرضيني أحياناً، إما بالقول, أو بالحركات كأن يتأفف، أصبحت عندما يستقيظ ويراني في عودتي ويسألني أقوله له كنت بالحمام أو أطمئن على الأولاد، أو نسيت صلاة العشاء وقمت لأصليها لست خائفة منه في شيء, ولكن لا أريد أن تتأذى مشاعري بما لا يضرني وهو يظن أنه يرؤف بحالي حسب قوله؟ وشيء آخر يتعلق بكذبي: أعلم أنه إن كان صيام تطوع يجب علي استئذان زوجي, ولكني أجد أنه تنتفي علة استئذاني منه للصيام, نظراً لظروفه الصحية، فلا أخبره, فهل مازال عليّ إثم رغم أنني لو استأذنته لن يوافق هكذا بلا سبب, أو يتأفف من فعلي رغم أن صيامي لن يضره بشيء؟ هذا ولكم مني جزيل التقدير والعرفان وجزاكم الله عني كل الخير.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالكذب محرم لا يجوز الإقدام عليه إلا في حالات معينة مبينة في الفتوى رقم: 111035.

ومن المواضع المرخص فيها بالكذب كلام الزوج لزوجته والزوجة لزوجها، لكن ذلك ليس مطلقا وإنما هو مقيد بما يجلب المودة كإظهار المحبة ونحو ذلك، فعن أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرَخِّصُ فِي شَيءٍ مِنَ الْكَذِبِ إِلاَّ فِي ثَلاَثٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لاَ أَعُدُّهُ كَاذِبًا الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ يَقُولُ الْقَوْلَ وَلاَ يُرِيدُ بِهِ إِلاَّ الإِصْلاَحَ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ فِي الْحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا. رواه أبو داود.

قال النووي: وأما كذبه لزوجته وكذبها له فالمراد به في إظهار الود والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك.

وعليه، فليس لك الكذب على زوجك في الحال التي ذكرت، وإنما يمكنك استعمال التورية والتعريض بدل الكذب الصريح بأن تقولي كلاماً يحتمل أكثر من معنى تقصدين به شيئاً واقعاً ويفهم منه زوجك معنى آخر، وانظري في بيان ذلك الفتوى رقم: 68919.
وأما بخصوص صوم التطوع في حال كون زوجك مريضا لا حاجة له في المعاشرة ولم يكن الصوم يضر ببدنك أو يمنعك القيام بحقوقه، فقد ذكر بعض العلماء أن الزوجة لا يلزمها استئذان زوجها في صيام التطوع في مثل هذه الحال، قال العراقي: قَيَّدَ النَّهْيَ عَنْ الصَّوْمِ بِأَنْ يَكُونَ بَعْلُهَا ـ أَيْ زَوْجُهَا ـ شَاهِدًا أَيْ حَاضِرًا مُقِيمًا فِي الْبَلَدِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ لَهَا صَوْمَ التَّطَوُّعِ فِي غَيْبَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ وَاضِحٌ لِزَوَالِ مَعْنَى النَّهْيِ، الرَّابِعَةُ فِي مَعْنَى غَيْبَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا لَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِزَوْجَتِهِ فَلَهَا حِينَئِذٍ الصَّوْمُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

وقال الطحاوي: فَدَلَّ هذا الْحَدِيثُ على أَنَّ النَّهْيَ لها عن الصِّيَامِ إنَّمَا كان عِنْدَ حَاجَةِ زَوْجِهَا إلَيْهَا لِمَا يَمْنَعُ منه الصِّيَامُ لاَ لِمَا سِوَى ذلك.

والله أعلم.

www.islamweb.net