الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حب نبي الله يوسف عليه السلام، مما يجب على المؤمنين، وهو يستحق ذلك بكونه أحد أنبياء الله المصطفين أولا، وبما ذكرت وما لم تذكره من صفاته الجميلة، لكن لا يجوز للمؤمن أن يكون حب أي أحد عنده، فوق حب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أحب يوسف أو غيره حبا أكثر من حب النبي صلى الله عليه وسلم فهو مخطئ، وهذا يدل على ضعف إيمانه؛ لأن كمال الإيمان أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم أحب إلى المؤمن من جميع الخلق. فمن لم يكن كذلك، فهو ناقص الإيمان؛ لما في حديث البخاري عن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن، لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر.
قال العيني في عمدة القاري في شرح هذا الحديث: قَوْله: (حَتَّى أكون) أَي: لَا يكمل إيمانك حَتَّى أكون.
قَوْله: (الْآن) يَعْنِي: كمل إيمانك. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، أي لا يكفي ذلك لبلوغ الرتبة العليا حتى يضاف إليه ما ذكر. انتهى.
وقد نص ابن أبي العز في شرح الطحاوية، على أن المراد بحديث الصحيحين: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ... نص على أن المراد به نفي كمال الإيمان.
ولا شك أن كل باعث على محبة يوسف أو غيره من الأنبياء، يوجد مثله وأبلغ منه مما يبعث على محبة حبيبنا وقرة عيوننا نبي الله، وخاتم رسله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
فعليك بكثرة المطالعة في سيرته صلى الله عليه وسلم، وتدبر ثناء الله عليه، حتى يعظم حبه في قلبك، لتنال بذلك فوز الدارين وسعادتهما.
وراجع لتمام الفائدة، الفتاوى التالية أرقامها: 12185، 58281،75113
والله أعلم.