الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2733 2890 - حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع ، عن إسماعيل بن زكرياء ، حدثنا عاصم ، عن مورق العجلي ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثرنا ظلا الذي يستظل بكسائه ، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئا ، وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ذهب المفطرون اليوم بالأجر " . [مسلم : 1119 - فتح: 6 \ 84]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أنس : صحبت جرير بن عبد الله ، فكان يخدمني . وهو أكبر من أنس ، قال جرير : إني رأيت الأنصار يصنعون شيئا لا أجد أحدا منهم إلا أكرمته .

                                                                                                                                                                                                                              وحديثه أيضا : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر أخدمه ، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - راجعا وبدا له أحد قال : "هذا جبل يحبنا ونحبه " . ثم أشار بيده إلى المدينة فقال : "اللهم إني أحرم ما بين لابتيها كتحريم إبراهيم مكة ، اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا " .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 591 ] وحديثه أيضا قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، (أكثرنا ) ظلا الذي يستظل بكسائه ، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئا ، وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ذهب المفطرون اليوم بالأجر " .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              معنى : (بدا له أحد ) : ظهر .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى : ("يحبنا ونحبه " ) حقيقة لأن الجمادات تعقل في بعض الأحيان قال تعالى : إنا عرضنا الأمانة الآية [الأحزاب : 72] أو يحبنا أهله وهم سكان المدينة ، يريد : الثناء على الأنصار كقوله تعالى : واسأل القرية [يوسف : 82] .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ("لابتيها " ) يريد الحرتين ، واحدهما : لابة ، ويجمع على لوب ويجمع لابات ما بين الثلاث إلى العشر ، فإذا كثرت جمعت على اللاب واللوب ، قال الأصمعي : اللابة الأرض ذات الحجارة التي قد ألبستها حجارة سود ، وأصله أن المدينة ما بين لابتين ، فحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بين لابتيها يقال : ما بين لابتيها أجهل من فلان ، يراد : ما بين طرفيها .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ("اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا " ) أي الطعام الذي يكال بهما .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (أكثرنا ظلا من يستظل بكسائه ) : يريد : لم يكن لهم أخبية ، وذلك لما كانوا عليه من القلة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 592 ] وفيه : أن أجر الخدمة في الغزو أعظم من أجر الصيام إذا كان (المفطر ) أقوى على الجهاد وطلب العلم وسائر الأعمال الفاضلة من معاونة ضعيف وحمل ما بالمسلمين إلى حمله حاجة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : أن التعاون في الجهاد والتفاوض في الخدمة من حل وترحال واجب على جميع المجاهدين .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : جواز خدمة الكبير للصغير إذا راعى له شرفا في قومه أو في نفسه أو نجابة في علم أو دين أو شبهه ، وأما في الغزو فالخادم المحتسب أفضل أجرا من المخدوم الحسيب .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية