الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1199 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن ، فذكر عشرين سورة من أول المفصل ، على تأليف ابن مسعود سورتين في ركعة آخرهن ( حم الدخان ) و ( عم يتساءلون ) . متفق عليه .

التالي السابق


1199 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : لقد عرفت النظائر ) : جمع النظيرة وهي المثل والشبه ، أي : السور المماثلة بعضها ببعض في الطول والقصر ( التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن ) : بضم الراء وكسرها ، أي : يجمع ( بينهن ) ، أي : بين سورتين منهن في ركعة ( فذكر ) ، أي : ابن مسعود ( عشرين سورة من أول المفصل ، على تأليف ابن مسعود ) ، أي : جمعه ( سورتين ) ، أي : كل سورتين من العشرين ( في ركعة آخرهن ) ، أي : آخر العشرين مبتدأ يعني آخر الثنتين من العشرين ( حم الدخان ) : يحتمل الحركات الثلاث في حم ، والفتح أظهر ، وكذلك في الدخان والجر أشهر ، ( وعم يتساءلون . متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود والنسائي .

وفي تصحيح المصابيح للشيخ الجزري روى أبو داود هذا الحديث من طريق علقمة والأسود قالا : أتى ابن مسعود رجل فقال : إني قرأت المفصل الليلة في ركعة ، فقال ابن مسعود : هذا كهذ الشعر ، ونثرا كنثر الدقل ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة ( الرحمن والنجم ) في ركعة ، ( واقتربت والحاقة ) في ركعة ، ( والطور والذاريات ) في ركعة ، ( وإذا وقعت والنون ) في ركعة ، ( وسأل سائل والنازعات ) في ركعة ، ( وويل للمطففين وعبس ) في ركعة ، ( والمدثر والمزمل ) في ركعة ، ( وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة ) في ركعة ، ( وعم يتساءلون والمرسلات ) في ركعة ، ( والدخان وإذا الشمس كورت ) في ركعة ، قال أبو داود : هذا تأليف ابن مسعود . اهـ .

وهكذا في صحيح ابن خزيمة تسميتها ، لكن بنقص ومخالفة في الترتيب ، وآخر الحديث ينافي ظاهر الحديث المتفق عليه إلا أن يقال التقدير آخرهن ، أي : آخر العشرين حم الدخان ، ونظيرتها إذا الشمس كورت ، وعم يتساءلون ، ونظيرتها والمرسلات والله أعلم .

قال الجزري : واختلف في ترتيب السور ، هل هو توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع من الصحابة ، أو بعضه توقيف وبعضه إجماع من الصحابة ؟ وأجمعوا على أنه لم ينزل مرتبا هكذا ، وعلى أنه لا يقرأ إلا هكذا كما هو مرتب اليوم ، وإنما يصح للصغار أن يقرءوا من أسفل لضرورة التعليم ، ولو قرأ في الصلاة غير مرتب فهو غير الأولى ، وقيل : يكره ، وهو مذهب أحمد ، ولو قرأ في أول ركعة سورة الناس فماذا يقرأ في الثانية ؟ قال أبو حنيفة : يعيدها ، وقال الشافعي : يبدأ من أول البقرة ، أي إلى المفلحون ، وهو رواية عن أبي حنيفة وهو الأظهر ; لأن الإفادة أولى من الإعادة . قال : والهذ بالذال المعجمة المشددة : الإسراع ، يريد سرد القراءة والعجلة فيها ، والنثر بالمثلثة : الرمي ، والدقل بالدال المهملة والقاف المفتوحتين : رديء التمر ، والمعنى : أنه يرمي جمله ولا يتأنى به لينتقي منه شيئا . اهـ .

قال عياض : وهذا موافق لرواية عائشة : أن قيامه صلى الله عليه وسلم كان إحدى عشرة ركعة بالوتر ، وأن هذا قدر قراءته غالبا وتطويله بسبب التدبر ، وتطويل الأركان وقراءته البقرة والنساء نادر ، وإنكار ابن مسعود على الرجل ليحضه على التأمل لا أنه لا يجوز قراءة المفصل في ركعة .

[ ص: 909 ]



الخدمات العلمية