الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      يحيى بن آدم ( ع )

                                                                                      ابن سليمان ، العلامة ، الحافظ ، المجود ، أبو زكريا الأموي ، [ ص: 523 ] مولاهم الكوفي ، صاحب التصانيف ، من موالي خالد بن عقبة بن أبي معيط .

                                                                                      ولد بعد الثلاثين ومائة ، ولم يدرك والده ، كأنه توفي وهذا حمل .

                                                                                      روى عن عيسى بن طهمان ، ومالك بن مغول ، وفطر بن خليفة ، ويونس بن أبي إسحاق ، ومسعر بن كدام ، وسفيان الثوري ، وحمزة الزيات ، وجرير بن حازم ، والحسن بن حي ، وإسرائيل ، وعمار بن رزيق ، ومفضل بن مهلهل ، ويزيد بن عبد العزيز ، وأبي بكر النهشلي ، وسليمان بن المغيرة ، وشريك ، وحماد بن سلمة ، وزهير بن معاوية ، وأبي الأحوص ، وابن عيينة ، وقطبة بن عبد العزيز ، والحسن بن عياش ، وأخيه أبي بكر بن عياش ، وجود عنه حروف عاصم . ولم يلق شعبة .

                                                                                      حدث عنه أحمد ، وإسحاق ، ويحيى ، وعلي ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، والحسن بن علي الخلال ، ومحمد بن رافع ، ومحمد بن عبد الله المخرمي ، ومحمود بن غيلان ، وهارون الحمال ، وموسى بن حزام الترمذي ، وأحمد بن سليمان الرهاوي ، وعبد بن حميد ، وعبدة الصفار ، والحسن بن علي بن عفان العامري ، وخلق سواهم .

                                                                                      وثقه يحيى بن معين والنسائي . [ ص: 524 ]

                                                                                      قال أبو عبيد الآجري : سئل أبو داود عن معاوية بن هشام ، ويحيى بن آدم ، فقال : يحيى واحد الناس .

                                                                                      وقال أبو حاتم : ثقة كان يتفقه .

                                                                                      وقال يعقوب بن شيبة : ثقة ، كثير الحديث ، فقيه البدن ، ولم يكن له سن متقدم ، سمعت عليا يقول : يرحم الله يحيى بن آدم ، أي علم كان عنده ! وجعل علي يطريه . وسمعت عبيد بن يعيش ، سمعت أبا أسامة يقول : ما رأيت يحيى بن آدم قط ، إلا ذكرت الشعبي - يريد أنه كان جامعا للعلم .

                                                                                      وله حديث منكر ، رواه علي بن المديني ، والحلواني ، والفضل بن سهل ، والمخرمي ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا حدثتم عني حديثا تعرفونه ، ولا تنكرونه ، فصدقوا به ، قلته ، أو لم أقله ، فإني أقول ما يعرف ، ولا ينكر ، وإذا حدثتم عني حديثا تنكرونه ، ولا تعرفونه ، فكذبوا به ، قلته أو لم أقله ، فإني لا أقول ما ينكر ، وأقول ما يعرف .

                                                                                      أخرجه الدارقطني ، ورواته ثقات .

                                                                                      قال ابن خزيمة : في صحة هذا الحديث مقال لم نر في شرق الأرض ولا غربها أحدا يعرف هذا من غير رواية يحيى ، ولا رأيت محدثا يثبت هذا عن أبي هريرة . [ ص: 525 ]

                                                                                      وقال البيهقي : وجاء عن يحيى مرسلا لسعيد المقبري .

                                                                                      قلت : وصله قوي ، والثقة قد يغلط .

                                                                                      وقال محمد بن غيلان : سمعت أبا أسامة يقول : كان عمر في زمانه رأس الناس ، وهو جامع ، وكان بعده ابن عباس في زمانه ، وبعده الشعبي في زمانه ، وكان بعده سفيان الثوري ، وكان بعد الثوري يحيى بن آدم .

                                                                                      قلت : قد كان يحيى بن آدم من كبار أئمة الاجتهاد ، وقد كان عمر كما قال في زمانه ، ثم كان علي وابن مسعود ، ومعاذ ، وأبو الدرداء ، ثم كان بعدهم في زمانه زيد بن ثابت ، وعائشة ، وأبو موسى ، وأبو هريرة ، ثم كان ابن عباس ، وابن عمر ، ثم علقمة ، ومسروق ، وأبو إدريس ، وابن المسيب ، ثم عروة ، والشعبي ، والحسن ، وإبراهيم النخعي ، ومجاهد ، وطاوس ، وعدة ، ثم الزهري ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، وأيوب ، ثم الأعمش ، وابن عون ، وابن جريج ، وعبيد الله بن عمر ، ثم الأوزاعي ، وسفيان الثوري ، ومعمر ، وأبو حنيفة ، وشعبة ، ثم مالك ، والليث ، وحماد بن زيد ، وابن عيينة ، ثم ابن المبارك ، ويحيى القطان ، ووكيع ، وعبد الرحمن ، وابن وهب ، [ ص: 526 ] ثم يحيى بن آدم ، وعفان ، والشافعي وطائفة ، ثم أحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وعلي بن المديني ، وابن معين ، ثم أبو محمد الدارمي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وآخرون من أئمة العلم والاجتهاد .

                                                                                      قال دعلج السجزي : حدثنا محمد بن أحمد البراء ، سمعت علي بن عبد الله يقول : نظرت ، فإذا الإسناد يدور على ستة - يعني الأسانيد الصحاح - قال : فلأهل المدينة ابن شهاب الزهري ، ولأهل مكة عمرو بن دينار ، ولأهل البصرة قتادة ، ويحيى بن أبي كثير ، ولأهل الكوفة أبو إسحاق ، والأعمش ، ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف ممن صنف ، فمن المدينة مالك ، وابن إسحاق ، ومن مكة ابن جريج وابن عيينة ، ومن البصرة ابن أبي عروبة ، وحماد بن سلمة ، وشعبة ، وأبو عوانة ، ومعمر ، وقد سمع معمر من الستة ، ومن الكوفة سفيان الثوري ، ومن الشام الأوزاعي ، ومن واسط هشيم .

                                                                                      قلت : أغفل حماد بن زيد ، والليث ، وما هما بدونهم .

                                                                                      قال : ثم انتهى علم هؤلاء إلى يحيى بن سعيد القطان ، ويحيى بن أبي زائدة ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن آدم .

                                                                                      قلت : نسي ابن المبارك ، ووكيعا ، وابن وهب ، وهم من بحور العلم .

                                                                                      وقد وقع لنا بعلو ، كتاب " الخراج " ليحيى بن آدم . [ ص: 527 ]

                                                                                      واتفق موته غريبا ببلد فم الصلح في سنة ثلاث ومائتين ، في شهر ربيع الأول ، في النصف منه ، قيده محمد بن سعد وذكر العام البخاري وأبو حاتم .

                                                                                      أخذ عنه قراءة عاصم : شعيب بن أيوب الصريفيني ، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل ، وعبد الله بن محمد بن شاكر ، وآخرون .

                                                                                      قال أبو هشام الرفاعي : حدثنا يحيى بن آدم قال : سألت أبا بكر عن حروف عاصم التي في هذه الكراسة أربعين سنة ، فحدثني بها كلها ، وقرأها علي حرفا حرفا .

                                                                                      أخبرنا الحسن بن علي ، وأبو المعالي بن المؤيد ، قالا : أخبرنا جعفر بن علي ، أخبرنا أبو طاهر السلفي ، أخبرنا الحسين بن علي ، أخبرنا عبد الله بن يحيى ، أخبرنا إسماعيل الصفار ، حدثنا الحسن بن علي العامري ، حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن معاذ بن جبل قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن ، وأمرني أن آخذ مما سقت السماء ومما سقي بعلا العشر ، وما سقي بالدوالي نصف العشر .

                                                                                      [ ص: 528 ] هذا حديث صالح ، جيد الإسناد ، لكن فيه إرسال بين مسروق ومعاذ ، أخرجه ابن ماجه ، عن الحسن بن علي بن عفان ، فوافقناه بعلو .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة ، عن خليل بن بدر ، وعلي بن فادشاه ، وأحمد بن محمد ، قالوا : أخبرنا أبو علي المقرئ ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا محمد بن عاصم ، حدثنا يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن الأسود بن قيس ، عن جندب بن سفيان قال : لما انطلق أبو بكر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغار ، قال : لا تدخل يا رسول الله ، حتى أستبرئه ، فدخل أبو بكر الغار ، فأصاب يده شيء ، فجعل يمسح الدم عن أصبعه ، ويقول :


                                                                                      هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت

                                                                                      . [ ص: 529 ]

                                                                                      وبه : سمعت يحيى بن آدم يقول : الميل ثلاثة آلاف وست مائة ذراع إلى أربعة آلاف ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والبريد اثنا عشر ميلا .

                                                                                      قال هشام بن منصور : سمعت أحمد بن حنبل يقول : قال لي يحيى بن آدم : يجيئني الرجل ممن أبغضه ، وأكره مجيئه ، فأقرأ عليه كل شيء معه ، لأستريح منه ، ولا أراه ، ويجيء الرجل أوده ، فأردده حتى يرجع إلي .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية