الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أسعد بن زرارة

                                                                                      ابن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار .

                                                                                      السيد نقيب بني النجار أبو أمامة الأنصاري الخزرجي ، من كبراء الصحابة . [ ص: 300 ]

                                                                                      توفي شهيدا بالذبحة فلم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعده نقيبا على بني النجار وقال : " أنا نقيبكم " فكانوا يفخرون بذلك .

                                                                                      قال ابن إسحاق : توفي والنبي - صلى الله عليه وسلم - يبني مسجده قبل بدر .

                                                                                      قال أبو العباس الدغولي : قيل : إنه لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل العقبة الأولى بسنة مع خمسة نفر من الخزرج ، فآمنوا به ، فلما قدموا المدينة تكلموا بالإسلام في قومهم ، فلما كان العام المقبل ، خرج منهم اثنا عشر رجلا ، فهي العقبة الأولى ، فانصرفوا معهم ، وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مصعب بن عمير يقرأهم ويفقههم .

                                                                                      قال ابن إسحاق : حدثنا محمد بن أبي أمامة بن سهل ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، قال : كنت قائد أبي حين عمي ، فإذا خرجت به إلى الجمعة ، فسمع الأذان ، صلى على أبي أمامة ، واستغفر له . فقلت : يا أبة ، أرأيت استغفارك لأبي أمامة كلما سمعت أذان الجمعة ما هو ؟ قال : أي بني ، كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم النبيت من حرة بني بياضة يقال له : نقيع الخضمات قلت : فكم كنتم يومئذ ؟ قال : أربعون رجلا . فكان أسعد مقدم النقباء الاثني عشر ، فهو نقيب بني النجار ، وأسيد بن الحضير نقيب بني عبد الأشهل ، [ ص: 301 ] عبد الأشهل وأبو الهيثم بن التيهان البلوي من حلفاء بني عبد الأشهل ، وسعد بن خيثمة الأوسي أحد بني غنم بن سلم ، وسعد بن الربيع الخزرجي الحارثي قتل يوم أحد ، وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجي الحارثي قتل يوم مؤتة وعبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر السلمي نقيب بني سلمة ، وسعد بن عبادة بن دليم الخزرجي الساعدي رئيس ، نقيب ; والمنذر بن عمرو الساعدي النقيب قتل يوم بئر معونة ، والبراء بن معرور الخزرجي السلمي ، وعبادة بن الصامت الخزرجي من القواقلة ورافع بن مالك الخزرجي الزرقي - رضي الله عنهم .

                                                                                      وروى شعبة : عن محمد بن عبد الرحمن ، أن جده أسعد بن زرارة أصابه وجع الذبح في حلقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لأبلغن أو لأبلين في أبي أمامة عذرا . فكواه بيده فمات ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ميتة سوء لليهود ; يقولون : هلا دفع عن صاحبه . ولا أملك له ولا لنفسي من الله شيئا

                                                                                      . [ ص: 302 ] وقيل : إنه مات في السنة الأولى من الهجرة - رضي الله عنه - وقد مات فيها ثلاثة أنفس من كبراء الجاهلية ، ومشيخة قريش : العاص بن وائل السهمي والد عمرو ، والوليد بن المغيرة المخزومي ، والد خالد ، وأبو أحيحة سعيد بن العاص الأموي .

                                                                                      الواقدي : حدثني معمر ، عن الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل ، قال : هم اثنا عشر نقيبا رأسهم أسعد بن زرارة .

                                                                                      وعن عمر : عن عائشة ، قالت : نقب النبي - صلى الله عليه وسلم - أسعد على النقباء وعن خبيب بن عبد الرحمن ، قال : خرج أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس إلى مكة إلى عتبة بن ربيعة ، فسمعا برسول الله ، فأتياه ، فعرض عليهما الإسلام ، وقرأ عليهما القرآن ، فأسلما ، فكانا أول من قدم المدينة بالإسلام .

                                                                                      وعن أم خارجة : أخبرتني النوار أم زيد بن ثابت أنها رأت أسعد بن زرارة قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس الصلوات الخمس ، يجمع بهم في مسجد بناه . قالت : فأنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم صلى في ذلك المسجد وبناه ، فهو مسجده اليوم .

                                                                                      إسرائيل : عن منصور ، عن محمد بن عبد الرحمن ، قال : أخذت أسعد بن زرارة الذبحة ، [ ص: 303 ] فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : اكتو ; فإني لا ألوم نفسي عليك .

                                                                                      زهير بن معاوية : عن أبي الزبير ، عن عمرو بن شعيب ، عن بعض الصحابة ، قال : كوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسعد مرتين في حلقه من الذبحة وقال : لا أدع في نفسي منه حرجا .

                                                                                      الثوري : عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : كواه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكحله مرتين .

                                                                                      وقيل : كواه فحجر به حلقه - يعني بالكي .

                                                                                      وقيل : أوصى أسعد ببناته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكن ثلاثا . فكن في عيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدرن معه في بيوت نسائه ، وهن : فريعة ، وكبشة ، وحبيبة . فقدم عليه حلي فيه ذهب ولؤلؤ ، فحلاهن منه .

                                                                                      وعن ابن أبي الرجال ، قال : جاءت بنو النجار ، فقالوا : مات نقيبنا أسعد ، فنقب علينا يا رسول الله . قال : أنا نقيبكم .

                                                                                      قال الواقدي : الأنصار يقولون : أول مدفون بالبقيع أسعد ، والمهاجرون يقولون : أول من دفن به عثمان بن مظعون

                                                                                      . [ ص: 304 ] وعن أبي أمامة بن سهل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد أسعد ، وأخذته الشوكة فأمر به فطوق عنقه بالكي طوقا ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى توفي - رضي الله عنه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية