الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بذلت النصح لصديقتي فاتهمتني بظلمها، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرغب بسؤال: قبل فترة كانت لي مشاكل مع صديقتي، بسبب ستوريات عن الحب (القصص التي تكون في برامج التواصل الاجتماعي)، وقد بررت لها أن عائلتي عندما يرون هذه الستوريات (القصص) سيظنون بي ظناً سيئاً، لأنهم لا يحبون هذه الأشياء، وهناك بنت من أقاربي تنشر هذه الأشياء، وجميع عائلتي لا يحبونها.

قد بررت لصديقتي فعلي، واعتذرت لها، وقالت: إنها لا تقبل الاعتذار وسنلتقي يوم القيامة، وأنا قد تبت إلى الله.

أرجو الرد فأنا خائفة أن أكون قد ظلمتها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نتفهم موقفك، والقلق الذي تشعرين به، وأنت لم تظلميها عندما نصحتها بهذا الشأن، فما قمت به هو العمل الصحيح، ولك أجر النصيحة، فليس كل ما نفعله ويتضايق منه البعض يكون خاطئاً، فالخطأ الذي يفعله الشخص ثم يتراجع عنه، أو يتوب، لا يعتبر ذلك ظلماً، لأنه التصرف الصحيح، وإليك بعض النصائح حول كيفية التعامل مع هذا الموقف، بناءً على وصفك:

- إذا كنتِ قد نصحتِ صديقتك بحسن نية، وحرص على مصلحتها، فهذا عمل طيب ومشروع، من المهم أن تكون النصيحة مقدمة بلطف واحترام، وأنت قد قمت بعمل مشروع، ففي صحيح مسلم عن تميم الداري مرفوعاً: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ).

- قد تكون صديقتك شعرت بالإساءة أو الهجوم بسبب النصيحة، حتى لو كانت نيتكِ طيبة، ومن المهم تفهم مشاعرها ومحاولة توضيح موقفك بلطف، وهنا يأتي مفهوم: (الأمر بالمعروف بمعروف، والنهي عن المنكر بغير منكر)، والمقصود من ذلك استخدام الحكمة في إيصال الرسالة لهذه الفتاة.

- بما أنك تبتِ إلى الله وندمتِ على ما حدث، فهذا هو الأهم، الله يقبل التوبة إذا كانت صادقة ونابعة من القلب، ورغم أنك لم تخطئي في حقها، لكن التوبة مطلوبة على أية حال.

- إذا كانت العلاقة مهمة لك، حاولي مرة أخرى التواصل معها بهدوء لتوضيح نواياكِ، وأنكِ لم تقصدي إيذاء مشاعرها، اشرحي لها أنكِ كنتِ ترغبين في نصحها لأنكِ تهتمين بها.

- استمري في الدعاء والاستغفار، واطلبي من الله أن يصلح بينكما ويزيل أي سوء تفاهم. الدعاء بأن يهدي الله قلب صديقتك لتفهم موقفك يمكن أن يكون مفيدًا، ﴿وَٱلَّذِینَ جَاۤءُوا مِنۢ بَعۡدِهِمۡ یَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَ ٰ⁠نِنَا ٱلَّذِینَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلࣰّا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ رَءُوفࣱ رَّحِیمٌ﴾ الحشر ١٠.

- تذكري أن بعض الناس قد يحتاجون إلى وقت ليشفوا من جرح المشاعر، كوني صبورة، وتمني الخير لصديقتك، حتى وإن كانت لا ترغب في التحدث الآن، يمكنك أن تتركيها فترة ثم تعيدي التواصل معها.

- استمري في العمل على تحسين علاقاتك مع الآخرين، وكوني حريصة على احترام مشاعرهم، وتجنب أي شيء قد يسبب سوء الفهم في المستقبل.

في النهاية: المهم هو أن تظل علاقتك بالله قوية، وأن تستمري في البحث عن رضا الله عنك، فالله -تعالى- يعلم نواياكِ وإذا كنتِ قد حاولتِ بصدق تصحيح الأمور، فهو أرحم بك من أي إنسان.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً