الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب زميلي وأريده زوجًا لي، فهل أدعو الله بذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شابة كنت على تواصل مع زميلي في الثانوية منذ 2020، ونحن لا نتحدث إلا في المواضيع الأدبية ومتطلبات الحياة، ولا يوجد بيننا أي تجاوزات، أو مقابلات، أو حديث خارج الحدود، وبعد الثانوية ذهب زميلي للجامعة، وأنا سافرت إلى بلد غربي للدراسة، وظل تواصلنا مستمرًا، وكنا نتحدث عن أمور عامة، وأحيانًا عن حالته النفسية السيئة إلى حد ما.

قبل سنة وعدة أشهر، مَنَّ الله علي بنور الإسلام، وأدركت المعنى الحقيقي للدين، تنورت بصيرتي للحق، ومشيت على الصراط المستقيم -الحمد لله-، وهذه أعظم نعمة.

علمًا أن زميلي كان يشعر بالتيه والضياع في الحياة، هو مسلم، لكن ضاقت به الحياة، وعانى من نوبات الحزن والاكتئاب، فتمنيت له الهداية كما حدث معي، أصبحت أحب له ما أحب لنفسي، وأتمنى بشدة أن يمسّه نور الله ويَشعر بالحقّ كما أشعر به؛ لأنه شعور جميل جدًا، وهذه هي حلاوة الإيمان، حدّثته عن مشاعري الروحانية، والنعمة التي هداني لها الله، وظل تواصلنا مستمرًا في حدود الأدب لا أكثر، ومع مرور الوقت شعرت أن قلبي مال إليه وأحببته.

الحقيقة طوال حياتي لم أكن أبدًا أعلم أن الصداقة بين الرجل والمرأة محرمة، وعندما أدركت ذلك قبل عدة أشهر، وعلمت بأنه لا يُرضي الله، خِفت على نفسي من المعصية، فقرّرت قطع التواصل بيننا، ولم نعد نكلّم بعضنا، وهو تَفهّم الموضوع.

صداقتنا دامت 4 سنوات، وخلالها أحببته وأحبّني دون أن يكون بيننا سوء، وعندما أدركنا ذلك توقّفنا عن التواصل، هل يمكنني أن أسأل الله أن يهديه، ويُصلِحه، ويمنّ عليه بالفضل العظيم، ثم يجمع بيننا بالحلال، وأن يخطبني بعد سنوات ويكتبه لي زوجًا صالحًا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع.

ونشكر لك الاهتمام وحسن عرض السؤال، ونحمد الله الذي هداك إلى الخير، نشكر لك المشاعر النبيلة، والرغبة في هداية الآخرين، ونسأل الله أن يهدي هذا الشاب، وأن يكتب له السلامة والعافية، وأن يرده إلى الحق ردًا جميلًا.

لقد سعدنا جداً بتوقف العلاقة، لأنك أدركتِ أنها لا ترضي الله تبارك وتعالى؛ ونبشرك بأن من ترك شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه، نتمنى من الشاب أن يتوب، وأن تتوبي أيضًا إلى الله تبارك وتعالى؛ ونبشركما بأن التوبة تجبُّ ما قبلها، وأن التائب -أو التائبة- من الذنب كمن لا ذنب له.

يجب أن تستأنفا حياة جديدة، ونسأل الله لنا ولكما التوفيق؛ إذا أرادك هذا الشاب بعد توبته وعودته، فعليه أن يطرق باب داركم، ويقابل أهلك الأحباب، أو يتواصل معهم لتكون العلاقة رسمية، ننصح بأن يتواصل مع أهله لتبدأ العلاقة، لأن الزواج ليس مجرد علاقة بين شاب وفتاة، لكنه بين أسرتين، بين بيتَين، بين قبيلتَين؛ وسيكون هاهنا أعمام وعمات، وفي الطرف الثاني أخوال وخالات.

أما بالنسبة للحياة التي فيها مخالفات فاستترا بستر الله تبارك وتعالى، وشكرًا لكما على هذا التوقف الذي نتمنى أن يستمر، ولا تستأنفا التواصل مرة أخرى إلا إذا طرق الدار، وجاء من الباب، وطلبك بطريقة رسمية، وعندها أيضًا تأكدي أنه فعلًا استقام على دين الله تبارك وتعالى، وعاد إلى الله، لأن البيوت ينبغي أن تؤسس على الدين؛ فالشاب قال له الشرع: "فاظفر بذات الدين"، والفتاة وأولياؤها قال لهم الشرع: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه".

فنسأل الله أن يجمع بينكما في الخير، وما حصل من علاقة لا يمنع وصول الحلال بعد التوقف عنها، والتوبة إلى الله، والإقبال على الله، ولا مانع من الدعاء، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما في الخير وعلى الخير، وأن يرده قبل ذلك إلى الحق ردًا جميلًا، حتى تستطيعا أن تؤسسا حياتكما على تقوى الله ورضوانه.

نسأل الله لنا ولكما التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً