الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يؤثر السحر أو العين على المصاب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكرا لكم ولكل أعضاء ومنسوبي إسلام ويب, فقصة نجاحكم تروى على كل لسان في الشبكة العنكبوتية.

هل من الممكن أن يصل علم الجان والشياطين وأذاهم سواء كان سحرا, أو مسا, أو أذى, أو عينا, أو حسدا؟ وهل من المعقول أن يصل حد أذاهم إلى أن يتسببوا في أمراض نفسية كالوسواس القهري والفصام والذهان؟ بمعنى آخر: هل لهم دور بارز في هذه الأعراض, والعبث بنفسية المصاب وشخصيته؟ أم أن هذه الأمراض أحيانا نفسية تكون, وأحيانا روحانية بفعل الجان والشياطين؟

أنا مصاب بالسحر -عافاكم الله- ونوع السحر تحكم عن بعد بالأحاسيس والمشاعر, فما هي أساليب العلاج المؤثرة؟ أنا موقن بقدري والحمد لله, وأقرأ القرآن والرقية, وأحصن نفسي, ولكن هل من علاج آخر, أو سور, أو آيات قوية للتلبس بالجسد, والتحكم بالدماغ والجهاز العصبي؟ لأنني أواجه حربا شرسة جدا بفعل السحر.

وشكرا لكم جميعا على ما تقدمونه من استشارات للمسلمين والمرضى, فخيركم وصل كل مكان ولا زال.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فإنه مما لا شك فيه أن ما يتعلق بمسألة السحر والعين والحسد والمس أمور حقيقية، وأن لها التأثير الحقيقي على جسد الإنسان الذي يتعرض لها، وهذا أمر مشاهد وواقع، والقرآن الكريم يؤيد ذلك، والسنة كذلك تؤيد ذلك، فهذه تكاد أن تكون من المسلمات في ديننا، وهي من الأمور التي تواتر النقل عنها.

ولكن ليس معنى ذلك أن هذه الأشياء تعمل عملها بنفسها، وإنما كلها خاضعة لقدر الله تعالى وإرادته، فإذا أراد الله شيئًا يسّر له أسبابه، فالحاسد قد ينظر إلى ألف إنسان يمرون أمامه، ولكن لا يتأثر بعينه إلا شخص معين أراد الله تبارك وتعالى أن يجعل هذه العين سببًا في إلحاق العين لحكمة يعلمها الله تبارك وتعالى، كذلك المس وغير ذلك من الأمور، فنحن نعلم أنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراده الله، وأن الله على كل شيء قدير.

حتى الأمراض، الأمراض لا تنتقل إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى، وهذا ما عبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم– بقوله: (لا عدوى) أي لا عدوى تؤثر بنفسها، وإنما إذا شاء الله تبارك وتعالى أن تنتقل العدوى انتقلت، وإن شاء الله تعالى ألا تنتقل لا تنتقل، والدليل على ذلك أنك قد تزور مريضًا مصابًا بمرض من الأمراض المعدية (مثلاً) كالزكام أو الأنفلونزا أو غير ذلك من الأمراض، ولكن تجد أن هناك من يتأثر به وتنتقل إليه العدوى وهناك من لا يتأثر، فما هي القاعدة؟ القاعدة أن الله أراد بذلك أن ينتقل هذا إلى هذا فتنتقل له، وألا يُصاب هذا فلم يُصب.

إذن مع إيماننا بأن هذه الأشياء لها تأثير إلا أننا نقول بأنها خاضعة أيضًا لإرادة الله تبارك وتعالى وقدرته.

والذي ذكرته من أن هناك سحرا, وأنه من الممكن أن يؤثر في عضو في جسد الإنسان: نعم، أقول: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال على سبيل المثال عن الحسد أو العين (العين حق، وإن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر) إذن العين تقتل، وكذلك السحر كما أخبر الله تبارك وتعالى: {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} فإذن من الممكن أيضًا أن يقع التأثير بالنسبة لهذه الأشياء، ونحن نرى ذلك ونلاحظه في دنيا الناس.

ولكن هل الذي لديك هو نوع من هذه الأشياء أم هو أمر نفسي؟ أقول لك: إن السحر وهذه الأشياء عمومًا تستطيع أن تتحول إلى أمراض نفسية، وإلى أمراض عضوية، وإن الجن تكون لديه القدرة بإرادة الله تعالى على تعطيل بعض الأجهزة في جسم الإنسان، وكذلك على تأخير الحمل وعلى إسقاط الجنين، وغير ذلك من الأمور التي وردت في كلام أهل العلم.

ولكن هذا كله كما ذكرت لك خاضع لمراد الله تبارك وتعالى وقدره، والذي أنصح به بالنسبة لحالتك -بارك الله فيك- أن تعرض نفسك أولاً على أخصائي نفساني، لاحتمال أن تكون هذه مسائل نفسية، فإذا ذهبت إلى أخصائي نفساني وتم علاجك وإخضاعك للأدوية المناسبة وللكشوفات المناسبة ولم تتحسن؛ فمعنى ذلك أن هذا الأمر يتعلق بالجانب الآخر, وهو جانب الرقية الشرعية.

وكون تراجع طبيبًا نفسيًا، هذا لا يمنع أن تستمر على الرقية الشرعية؛ لأن الرقية الشرعية إذا كان لديك حتى مرض عضوي، فإن الرقية الشرعية من فضل الله تعالى ورحمته؛ الله يجعلها سببًا في رفع هذا الأمر، فكثير من الأمراض العضوية الآن تعالج بفضل الله تعالى بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية، وبذلك تكون قد جمعت بين الوسائل الشرعية المعروفة من علاج بالرقية الشرعية، وكذلك الوسائل العضوية من عرض نفسك على أخصائي نفساني.

وإن شاء الله تعالى سوف تُشفى تمامًا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– أخبرنا بقوله: (تداووا عباد الله، فإن الله ما خلق داء إلا جعل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله) في وقت معين ستنزل بك رحمة الله تبارك وتعالى ويتم شفاؤك، ولكن عليك بالمحافظة على طاعة الله تعالى والابتعاد عما حرم الله، وعليك خاصة بأذكار الصباح والمساء بانتظام، وعليك كذلك بالإكثار من الاستغفار، والإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

وكم أتمنى أيضًا أن تحافظ على ورد يومي من القرآن الكريم، لأن هذا يقوي قلبك، لأن القرآن يقوي الإيمان في قلب المؤمن، فيقوى فيه ويدافع، كما أوصيك بالإكثار من الصلاة عن النبي -صلى الله عليه وسلم– وأبشر بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر bird sad

    شكران كلم جميل

  • أمريكا عبيد الله

    إن قرأت القرآن الكريم وجعلت مع ذلك أكل التمر فهو مفيد بعد صلاة الصبح
    في علاج هذه الأمور
    والله تعالى أعلى وأعلم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً