الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالخجل كلما فكرت بالزواج، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع, فجزاكم الله خيرًا.

أنا فتاة أبلغ من العمر 19 عامًا، أدرس تخصص علم النفس، في بداية مشواري الجامعي، ملتزمة وصاحبة أخلاق, منذ أن كنت طالبة في المرحلة الثانوية، وكان يتقدم لي الكثير من الخُطّاب، ولكنّني كنت أرفضهم، وأهلي أيضًا وذلك؛ بسبب صغر سني، ورغبتي في إكمال دراستي الجامعية.

مشكلتي هي: أنني كلما رأيت شابًا صاحب دين وخلق, أُعجبت به، وتمنيته زوجًا لي، فالكثير يقولون لي أنني فتاة عاقلة، ومتفهمة رغم صغر سني، كل ما أريده وأتمناه هو أن أصبح زوجة مسلمة مثالية في المستقبل, لذلك كثيراً ما أقرأ مواضيع تتحدث عن التأهيل للحياة الزوجية، وذلك لاهتمامي في التعرف على سمات الحياة الزوجية الإسلامية السعيدة, وصفات الزوج والزوجة الصالحة، فأسمع الكثير من الدروس عن هذا الموضوع، وأقرأ عنه أيضًا، حتى لا أكون جاهلة في هذه الجانب، ولكي أكون علاقة زوجية سعيدة يحبها الله.

سمعت في أحد الأيام درسًا عن الخطبة، وتحدث الدرس عن الأسئلة التي تسألها الفتاة للخاطب، فقلت في نفسي: كيف سأجرؤ وأسأل هذه الأسئلة؟ فأنا فتاة خجولة.

الأمر الذي يسبب لي الحيرة هو، خجلي الكبير من الرجال، وخاصة الملتزمين منهم، أصحاب الدين والخلق, فكلما رأيت أحدهم أو مررت به، ينتابني حياء شديد والحمد لله، فالحياء شعلة من شعل الإيمان, وهو زينة وعفة للفتاة المسلمة, ولكن الغريب أنه كلما فكرت في يوم خطبتي, يراودني الخجل الشديد, وأردد في نفسي: كيف لي أن أحتمل هذا الأمر, وأشعر وكأنني سوف أذوب من خجلي في تلك اللحظة.

كلما تحدثت مع أختي وتناقشت معها، بشأن هذا الأمر تخبرني: بأن هذا الشعور مألوف، وهو شعور طبيعي، فكل فتاة تشعر بالخجل في هذا الموقف, ولكنني أشعر أن خجلي شديد، وليس كخجل باقي الفتيات، فكلما فكرت في ليلة زفافي, أشعر بالخجل، وأردد في نفسي: كيف سأجرؤ؟ وكيف سأقبل على الجماع؟

اعتذر منكم، فموضوعي معقد وحساس, ولكني أريد أن أعرف, هل خجلي الذي أشعر به خجل طبيعي؟ أم أنه زائد؟ وكيف يمكنني معالجته وضبطه؟

أشير بالذكر، أنني لم أمر في المراحل التي ذكرتها أعلاه، فأنا لم أخطب بعد، ولم أتزوج، ولكنني أشعر بهذا الشعور، كلما فكرت أو تخيلت أنني سوف أخطب أو أتزوج، ورغم كل المعلومات والدروس التي قرأتها عن التأهيل للحياة الزوجية والحمد لله, فأنا أحتاج أن يكون لي رجل صاحب دين وخلق، ليكون هو زوجي، وحبيبي، وكي يعينني على طاعة الله, ويرافقني في رحلة تعليمي, فشعاري في الحياة "كن صاحب أثر"، لذلك عاهدت الله أن أكون صاحبة أثر, وحلمي أن أسعى في الدعوة للإسلام، وأتمنى لو أن باستطاعتي إقناع شخص واحد على الأقل بالإسلام.

أحلم كثيراً بزوجي المثالي، وأتمنى أن يخطبني أفضل الشباب، لكنني أخاف وأخجل من هذا المرحلة، فما هي نصيحتكم لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بابنتنا الفاضلة، صاحبة الطموح العالي، والثقافة العالية، وهكذا ينبغي أن تكون الفتيات، ونؤكد لك أن العروس أصلاً شأنها الخجل، ولذلك لما وُصفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: كان أشد حياءً من العذراء في خِدرها، وأكثر ما تكون العروس خجلاً عند زفافها وزواجها.

وهذا الخجل يزول ويتلاشى لأنه خجل وحياء في مكانه الصحيح، لكن لما تكون الفتاة مع زوجها، فإن هذا الخجل يتلاشى ويزول، فلا تغتمي ولا تهتمي بمثل تلك المواقف، ولا تحاولي عبور الجسر قبل الوصول إليه، فأنت إلى الآن لم تصلي لهذه المرحلة.

ونشكر فعلاً هذا الحياء، ونتمنى أن يحملك دائمًا على الفضائل، ولكن مع ضرورة أن تعتدلي في هذا الأمر، ولا يأخذ أكثر من حجمه وحده، والحياء عمومًا شأن الفتاة المسلمة، وما يحصل بين الفتيات من توسّع في هذا الباب ليس فيه مصالح. وأعجبتنا هذه الثقافة، والرغبة في القراءة، والأسئلة التي توجّه دائمًا تكون عن أهداف الحياء، وعن صلاته، وعن دينه، وعن فهمه لقضية الزواج، ورسالة الزواج، مثل هذه الأمور التي يُكتشف من خلالها عقل الإنسان ونضجه.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ولا تنزعجي لهذه التفاصيل، فإن من اختارت الدين والأخلاق، فقد اختارت الفضائل، وكل نقص وخلل بعد ذلك يُصلحه الدين، وتغطي عليه الأخلاق، كما قال الشاعر:

وكل عيبٍ فإن الدين يجْبُرَه *** وما لكسر قناة الدينِ جُبرانُ

فنسأل الله أن يهيأ لك الزوج الصالح، الذي يعينك على النجاح في الحياة، لتكونوا بصمة، ولتُخرجوا ذريَّة، بل لتُخرجوا قائدًا يُخرج هذه الأمة من ظلمات التيه والضياع، فإن أزمتنا أزمة قادة، والقائد الناجح لابد أن يُربَّى بمواصفات عالية، ومُنذ الوهلة الأولى، فكوني تلك الأم التي تُخرج للأمة قائدًا ربَّانيًا ينقاد بكتاب الله، ويقود هذه الأمة إلى النصر والشرف والعلياء.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • قطر ابو عبد الرحمن

    لا تقلقي اختاه ستزول كل هذه الهواجس وستجدين الأمر أهون مما تتخيلين فقط لا تفكري في الأمر كثيرا واتركيه لوقته وستتعجبين من قدرتك علي اجتيازه وستقولين في نفسك ... يااااه ماكان الامر ليستحق كل هذه المعاناة فالعلاقات تبنى بين الأشخاص شيئا فشيئا وكما تتحفظين في الكلام مع صديقة جديدة ثم شيئا فشيئا تنمو صداقتكما وتصبحان كالاختين ستنمو علاقتك بخطيبك ثم زوجك شيئا فشيئا وستكون الأمور على ما يرام ... اسأل الله لك ولبناتي ولبنات المسلمين أن يرزقكن بالأزواج والذرية الصالحة وأن يسعدكن في الدنيا والآخرة

  • مصر الحاائر

    ثبتك الله علي طاعته ورزق فتيات المسلمين هذا الخلق العفيف النادر في هذا الزمان إنه ولي ذلك والقادر عليه.. فهذا هو الأصح عند الفتاة الطبيعية صاحبة الخلق الرشيد والعقل الحكيم والذي به يزداد جمال الفتاه وعلو خلقها وأدبها .. فكم كنت أتمني أن أجد مثل هذا الحياء ولو في فتاة واحدة لأخطبها وما كنت عانيت تأخر خطبتي بسبب عدم وجود ما أتمناه طيلت حياتي وهو فتاة عندها حياء .. فاللهم ارزق بناتنا الحيااااء وثبتك الله عليه يااااااااااااااارب العالمين

  • مصر الحاائر

    أعانك الله أختي ف الله فتثبتي علي ما أنت عليه فالحياء هو الدين وهذا هو الطبيعي وذاك هو الأصل وأي شئ غير ذلك فهو الشاذ أو المختلف ..

  • المغرب الغريب:

    قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).. إن هذه الآية تدل دلاله كاملة علىنأ الشيء الذي نريده لا يمكن أن يتحقق إلا بإرادته (جل وعلا).. والله سبحانه تعالى لا يفعل شيئا للمؤمنين إلا لمصلحتهم، إما تخفيفا لعذاب، أو رفعا لدرجات الإنسان في الجنان.. ولكن نحن ليس لدينا الإيمان الحقيقي واليقين التام به سبحانه، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

  • أمريكا ياسين

    ياليت بنات المسلمين كلهم مثلها


بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً