الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب الاجتماعي، ما العلاج السلوكي والدوائي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي البسيط، منذ 7 سنوات، ولكن في الفترة الأخيرة لاحظت أن حالتي بدأت تسوء قليلا، كما لاحظت أنه عندما يحدث لي موقف محرج مع أي شخص حتى وإن كان من أعز أصدقائي فإنني أتجنبه وأتحاشى الحديث معه.

أيضا لاحظت أنني أتجنب الأماكن التي تسبب لي إحراجا مثل غرف الاجتماعات والمجالس، وبالأخص الأماكن التي سبق أن تعرضت فيها لإحراج فبمجرد ذهابي إلى تلك الأماكن فإني أبدأ ألاحظ التغيرات من ناحية نبضات القلب والتعرق.

حاولت أن أستخدم العقاقير، واستخدمت اندرال 10، وكانت نتيجته جيدة، ولكن كنت أتناوله بدون وصفة، وكانت الجرعة حسب الموقف.

أتمنى منكم إرشادي إلى الطريق الصحيح للعلاج، وهل هناك أدوية للرهاب ليس لها آثار جانبية؟ وما هي أفضل وصفة لحالتي؟ كما أتمنى إفادتي بأفضل برنامج للعلاج السلوكي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالة الرهاب التي تعاني منها حالة بسيطة حين نقيسها ونقارنها بحالات أخرى، وأعتقد بكل بساطة أنك تستطيع أن تتخلص منها، وذلك من خلال الممارسات الحياتية العادية، وأهم هذه الممارسات:
- أن تمارس أي نوع من الرياضة الجماعية، مثل كرة القدم مثلاً، مع بعض أصدقائك بمعدل مرتين في الأسبوع.

- أن يكون لك ثوابت رئيسية في حياتك، مثلاً أن تُكثر من زيارة المرضى في المستشفيات، أن تحرص على الصلاة مع الجماعة وتكون دائمًا في الصف الأول، أن تشارك الناس مناسباتهم، أن تنخرط في أي عملٍ اجتماعي أو ثقافي.

هذه الأمور الخمسة – أخِي الكريم – هي المدعمات الرئيسية للعلاج السلوكي، وأنا لا أفضل العلاج السلوكي المكتوب على الورق نظريًا، أفضل العلاج السلوكي الذي هو من واقعنا، وهذا أجدى وأنفع وأسهل، وتطبيقه سهل، وفيه منافع الدنيا والآخرة - إن شاء الله تعالى -.

أخِي الكريم: هذه هي المبادئ السلوكية التي أريدك أن تلجأ إليها.

-الأمر الثالث: لا تقلل من قيمة ذاتك أبدًا، ولا تتجنب الاجتماعات، لا تتجنب اللقاءات، من أسوأ ما يُدعم الخوف الاجتماعي – أيًّا كانت درجته – هو التجنب.

-أريدك أن تستوعب استيعابًا معرفيًا دقيقًا، أن الأعراض التي تحس بها من تسارع في نبضات القلب أو شيء من التعرق، هذه ظواهر فسيولوجية تخصك أنت، لا يطلع عليها بقية الناس، حتى التعرق ليس من الدرجة التي تُشاهد فيها عن طريق الآخرين.

أخِي الكريم: صحح مفاهيمك على هذا الأساس، وهنالك مفهوم آخر مهم جدًّا، أراه سيكون جيدًا بالنسبة لك حين تدركه إدراكًا كاملاً، وهو أن القلق كطاقة نفسية مطلوبة، لا يمكن أن نقدم على تفاعل اجتماعي دون أن نقلق، لا يمكن أن نقدم على أي عمل إيجابي إنتاجي مفيد إذا لم يكون هنالك القلق المحفز.

أخِي الكريم: هذا يجب أن تدركه، وإدراك ما ذكرته لك بصفة عامة يساعدك كثيرًا، لأنك سوف تغير مفاهيمك وتبدأ في التغيير.

علاج سلوكي آخر مهم جدًّا، هو: ممارسة وتطبيق تمارين الاسترخاء، بشيء من التأمل، هذه التمارين رائعة إذا طُبقتْ بصورة صحيحة، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتطبق ما ورد بها من إرشادات.

العلاج الدوائي نعتبره جزئية مهمة، وكثير من الناس يبدؤون الأدوية ويستفيدون منها، لكن الخطأ يكون في أنهم يتوقفون عن هذه الأدوية قبل مواعيدها، أو أنهم لا يطبقون الممارسات السلوكية التي تحدثنا عنها، لأن الدواء يحسِّن الإنسان في وقته، لكن حين يتوقف عنه إذا لم يُدعمه سلوكيًا سوف تحدث انتكاسة.

بالنسبة للأدوية: أنا أفضل أن تستعمل الزولفت، كعلاج يقتلع المرض ذاته وأعراضه، والإندرال يُزيل الأعراض الفسيولوجية فقط وبصورة وقتية، لكن دواء مثل الزولفت أو الزيروكسات أو الإيفكسر، هذه مفيدة جدًّا، وأنت محتاج لجرعة صغيرة من الـ (زولفت Zoloft) ويعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تناولها يوميًا ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – تناولها ليلاً بانتظام واستمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما بالنسبة للـ (إندرال Inderal) والذي يعرف علميًا باسم (بروبرانلول Propranolol) فهذا الدواء هو دواء داعم جيد جدًّا، والجرعة المطلوبة هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عنه.

ملاحظة بسيطة لابد أن أذكرها، وهي أن الإندرال لا يُسمح أو ينصح باستعماله بالنسبة للذين يعانون من الربو إلا بعد استشارة طبية مباشرة، حيث إن الجرعات الصغيرة مسموح بها، حتى بالنسبة لمرضى الربو.

إذًا - أخي الكريم - أريدك أن تأخذ هذه الاستشارة وهذا التناصح بكليَّاته، الدواء يجب أن تتناوله بكل انضباطٍ، وكذلك التطبيقات السلوكية، وهي أمور حياتية معروفة ومُدركة بالنسبة لجميع الناس، لكن الاهتمام بها لتأخذ الطابع العلاجي هو الذي يأتي بفوائد كبيرة ويكون سببا في منع الانتكاسات المرضية.

أشكرك على الثقة في استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً