الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندما أسمع معلومة أشعر كأني لا أريد أن تصل إلى غيري!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أنا شاب حديث التوبة -والحمد لله- ولكن لدي مشكلة أني لما أكون في مجلس علم ويقول الشيخ أمرا يخص ذكر الله يأتي ببالي وكأني لا أريد أن تصل المعلومة إلى غيري، حتى أصبح الأمر وكأني أحسد الناس, وهذا الأمر يسبب لي الكثير من الاكتئاب والحزن؛ فلهذا -أثابكم الله- أريد أن أعرف إن كان ذلك من نفسي أم من الشيطان ووساوسه، فهذا الأمر قد غيّر ركب حياتي، وأدخل عليّ الحزن.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لطاعته ورضاه، وأن يتقبل توبتك خالصة لوجهه الكريم، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- فإن الحسد صفة موجودة في كل إنسان، أمرٌ مجبولٌ عليه الناس جميعًا، وهو أن يتمنى الإنسان أن يكون أفضل من غيره، وإلى هنا لا توجد مشكلة، فكونك تحب الخير لنفسك أكثر من الناس هذه فطرة، ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- حثَّنا في مقاومة هذه النزعة عندما قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه من الخير ما يُحبه لنفسه) كأنه يحثنا على الاجتهاد في أن نقاوم هذه النزعة التي توجد في أنفسنا.

ولكن متى يكون هذا الحسد مذمومًا؟ الحسد هو تمني زوال نعمة الغير، فإذا تمنيتُ زوال نعمة الغير، أو إذا تمنيتُ عدم نفع الناس، أو إذا تمنيتُ أن تكون هذه النعمة تخصني أنا دون بقية الناس، فهذا هو المذموم، ولذلك عليك أن تستعيذ بالله تعالى منه، وأن تتمنى الخير لك وللناس جميعًا، وعندما تستمع إلى معلومة كما ذكرت قل: (اللهم انفعني وإخواني المسلمين بها).

اجتهد في الدعاء كلما شعرت برغبتك في حرمان الناس بالخير، اعكس هذه الرغبة، وحاول –بارك الله فيك– أن تُعطي هذه الرغبة شيئًا عكسيًا، وهو أن تدعوَ الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا الخير عامًا ونافعًا وليس مقتصرًا بك وحدك.

ثم عليك بعد ذلك أيضًا إن فتح الله عليك بمعرفة مسألة من مسائل الشرع أن تُعلِّمها لغيرك.

بهذه الطريقة لو استمر الوضع على هذا لفترة معقولة سوف تنتهي عندك هذه الحالة التي تُزعجك الآن، والتي تُسبب لك الاكتئاب والتوتر، والتي تجعلك أنانيًا ولا تجعلك مُحبًّا للخير.

إذًا حاول بالدعاء، وحاول بالعمل، والعمل كما ذكرت لك: كلما تعلمت شيئًا نافعًا حاول أن تنقله لغيرك، فإنك بذلك ستقاوم هذه النزعة، وسيغفر الله لك وتتخلص منها -بإذن الله تعالى- في القريب العاجل، إضافة إلى الدعاء بأن يعافيك الله تبارك وتعالى من هذه الصفة التي أزعجتك، والتي مما لا شك فيه ليست حسنة ولا مقبولة.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً