الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا علي بعد أن استخرت الله في زواج من هي أكبر مني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 17 عاما، أحب فتاة أكبر مني بـ 5 سنوات، فهل في ذلك حرج؟ وقد صليت صلاة الاستخارة وقت الفجر، ثم نمت الساعة الـ 5 فجرا، واستيقظت الساعة الـ 9 وأنا مبتهج، ثم جاءني خبر نجاحي في الامتحانات، ثم جاءني خبر أنه من المحتمل أن يأتيني رزق بعد عدة أيام، فهل هذا جواب الاستخارة؟

إذا كان هذا جواب الاستخارة فكيف أخبر أبي برغبتي بالخطبة؟ فأنا أخجل من أن أتحدث في هذا الموضوع مع أي أحد، وإن لم يكن هذا جواب الاستخارة فكيف أعرف جواب الاستخارة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك لك، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، وأن يمُنَّ عليك بزوجةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يجعلك من الناجحين المتميزين في دينك ودنياك.

وأُحِبُّ أن أهنئك أيضًا بنجاحك في الامتحان، وأسألُ الله تبارك وتعالى أن يوفقك، وأن يمُنَّ عليك بالرزق الذي تتوقعه -إن شاء الله تعالى- وأن يكون رزقًا موفورًا، وأن يكون عونًا لك على دينك ودنياك.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فيما يتعلق بقضية الاستخارة، فأنت استخرت الله تبارك وتعالى على الزواج، وهذه الأشياء لا علاقة لها بالزواج، فإن الاستخارة ليس معناها أن ترى شيئًا محسوسًا أو ملموسًا، وإنما الاستخارة –بارك الله فيك– كما فهم السلف من كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- أنك تستخير الله تعالى ثم تمضي في الأمر، ولا تنتظر شيئًا، إن كان لك فيها من نصيب فسوف تتيسَّر الأمور، وتجدها سهلة ميسورة أو تجد مشاكلها بسيطة تحت السيطرة، أما إذا لم يكن لك فيها من نصيب فستتعقَّد الأمور بطريقة أنت تتعجَّب لها، ولا تتوقع أن تكون هذه المشاكل موجودة.

إذًا الاستخارة لا تحتاج إلى مُقدِّمات قبل أن تبدأ، وإنما عليك أن تستخير بصدق وإخلاص ويقين، وأن تجتهد في الدعاء، وأن تُلحَّ على الله تعالى في ذلك، ثم تنطلق.

أنت الآن تقول أنك تستحي أن تتكلم مع والدك وتخجل من ذلك، إذا لم تستطع أن تُكلمه مباشرة لماذا تخجل؟ إمَّا أن تكون في سِنٍّ لا تسمح لك بالزواج –وهذا أمرٌ واردٌ جدًّا– وإمَّا ألا يكون لك مصدر دخلٍ حتى تستطيع أن تُنفق على زوجتك، وإمَّا أنك تخجل لأنها أكبر منك في السن، وإمَّا أنك تخجل لأنك ما زلتَ تدرسُ، وهذه كلها أمور وجيهة، يعني قد يكون من السهل جدًّا أن يردَّك والدك الآن لأنك ما زلت صغيرًا.

ثانيًا: أنك ليس لك مصدر رزق تعيش منه.

ثالثًا: أيضًا لاحتمال أن والدك يقول أنت مازلت تدرس، وعندما تنتهي من الدراسة فمن الممكن أن تتزوج.

هذا كله وارد، وأنا أؤيد هذا الكلام حقيقة، إلا إذا كان لك دخلٌ ثابتٌ تستطيع أن تحيى منه حياة كريمة، ولا تحتاج لأحد، أو كان والدك من الأثرياء الذين بمقدورهم أن يزوجوك، حتى وإن كنت ما زلت تدرس، فأرى أن تتوكل على الله وأن تُفاتحه.

أما إذا كان –كما ذكرت– ما زلتَ أنت في مراحل الدراسة، بينك مسافات طويلة حتى تنتهي مثلاً، أو أمامك سنين طويلة حتى تنتهي من الدراسة، كذلك ليس عندك دخل، كذلك أيضًا ليس عندك وظيفة، كذلك أيضًا فارق السن بينك وبينها، أرى –بارك الله فيك– أن تؤجِّل هذه الأشياء.

أما إذا كان عندك –كما ذكرت– دخل ثابت شخصيًا، تستطيع أن تحيى منه وتفتح بيتا ويكون لك أسرة، أو أن والدك يستطيع أن يزوجك الآن، فأنا أرى أن فارق السن بسيط، وأرى أن عملية الدراسة سهلة ما دام لك مصدر دخلٍ تستطيع أن تحيى منه.

إذا لم تستطع أن تتكلم مع أبيك مباشرة، من الممكن أن توسِّط أحد أقاربك، كالوالدة مثلاً إذا كانت لها كلمة عند الوالد، أو أحد أعمامك، أو أحد أخوالك، أو أحد عماتك، أو أحد الكبار في السن العقلاء، لأن الذي تطلبه أمرٌ شرعي، والنتيجة ستكون إمَّا أن يوافق والدك أو لا يُوافق، وفي كلا الأمرين الأمر بسيط -بإذن الله تعالى- وليس هنالك مشكلة.

فإذا لم تستطع بالشروط التي ذكرتها، بمعنى أن يكون لك مصدر دخل تحيى منه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) والباءة هي القدرة على النفقة في المقام الأول، فإذًا كنت قادرًا، وعندك دخل ثابت يكفيك ويكفي زوجتك وعيالك؛ توكَّل على الله، كذلك –كما ذكرت لك– إذا كان والدك غني ويستطيع أن يحتويك، وليس عندكم مشكلة، وجرتْ العادة بذلك؛ فتوكل على الله، أما إذا لم يكن هذا ولا ذاك موجودا؛ فأنا أرى أن تؤجِّل هذا الموضوع حتى تنتهي من دراستك، أو يُصبح لك دخل ثابت، وبذلك تتكلم مع الوالد.

أما إن كانت الظروف مواتية، فأرى -كما ذكرت لك– أن تستعين بأحد كالوالدة، أو أحد الأخوات، أو أحد الأعمام، أو أصدقاء أبيك، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يشرح الله صدر والدك لذلك.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً