الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخجل من الأكل أمام الناس خاصة خطيبي، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة مخطوبة، عمري 21 سنة، أخجل كثيراً من الأكل أمام الناس، وخاصة أمام خطيبي، مع أنني آكل بطريقة عادية وسليمة، ولكنني أخجل جداً، كما أنني إنسانة اجتماعية، ولكنني لا أتمكن من النظر في أعين الناس مطلقاً، ودائما نظري مشتت هنا وهناك، وإذا أجمعت قوتي للنظر إليهم أشعر أن كل ردود أفعالي غريبة، وفيها إحراج وخجل، وأشعر أن تفسيرهم لهذه النظرات هي مجاملة، وعدم تركيز فيما يقولونه.

كما أعاني من ضعف الذاكرة، وقلة التركيز، وسرعة النسيان بشدة، فمهما قرأت من معلومات عامة لكي أثقف نفسي، فإنني أنسى كل شيء مهم، وأظهر أمام الناس أنني غير مثقفة، ولا أفقه شيئاً، حتى المدينة التي أعيش فيها منذ 6 سنوات لا أحفظ معالمها، على العكس من صديقتي التي حفظت معالم المدينة من أول سنة.

كل ما ذكرته حقيقة وليست هواجس أشعر بها، وما زلت أجني ثمارها خجلاً وحسرةً على نفسي، فأرجو مساعدتي في التخلص من ذلك.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لا شك أن سؤالك يدور حول الرهاب الاجتماعي، وآثاره على نفسيتك وشخصيتك.

إن الرهاب الاجتماعي، وهو من أكثر أنواع الرهاب انتشاراً بين الشباب، وخاصة من خلال رهبة تناول الطعام أمام الناس، أو النظر في عيونهم، مما يدفع المصاب به لتجنب لقاء الناس، والأكل والحديث والتواصل معهم، وهكذا يستمر التجنب حتى يصل الشخص لمرحلة ينعزل فيها عن كل أو معظم الأنشطة الاجتماعية، وخاصة التي فيها تناول للطعام، وبالتالي ما هو إلا وقت قصير حتى يشعر بشيء من الاكتئاب النفسي، والملل من الحياة، وفقدان الرغبة والمتعة بالحياة، والتواصل مع الناس وتحقيق الطموحات.

وهذا ربما ما وصلت إليه، ومما عبّرتِ عنه بطرق مختلفة من الملل وعدم الرغبة بفعل شيء، وبالتالي هذا مما أضعف ثقتك بنفسك، وبدأت الأفكار السلبية عن نفسك والحياة والآخرين، وكذلك شعورك بضعف التركيز والذاكرة، فمن الواضح أنك شابة وطموحة، إلا أن الظروف المحيطة ليست مشجعة لك، مما جعلها تؤثر عليك بهذه الطريقة السلبية، إلا أن علينا أن لا نستسلم للظروف المحيطة، وإنما أن نسعى للخروج من الظروف الصعبة المحيطة بنا.

تمرّ بالإنسان ظروف كثيرة تجعل منه بالشكل الذي هو عليه من الشخصية والثقة بالنفس والنظرة إلى الحياة، وفي لحظة ما من لحظات حياتنا يصعب علينا تقبل هذا الحال ونرغب بالتغيير، والتغيير شيء مطلوب، وهو ممكن طالما وجدت الرغبة والعزيمة على السير في عملية التغيير هذه، وقد نستطيع القيام بهذا التغيير بأنفسنا، عن طريق عدم جعل ضعف الثقة بالنفس التي عندنا تؤثر في مجمل حياتنا، وإنما نحاول أن نحدد تأثيراتها عبر القيام بالأعمال، والمسؤوليات المطلوبة منا من الدراسة والعمل والأنشطة الاجتماعية والترفيهية، ورويداً رويداً نجد أن الوضع النفسي الداخلي قد بدأ بالتحسن والتغيّر.

حاولي القيام بالأعمال التي تريدين أن تقومي بها من واجبات وأنشطة، وحتى التي فيها تناول للطعام أمام الناس، واتركي تغيير داخل النفس ليحدث وبشكل طبيعي وتدريجي، وكنتيجة للأعمال التي تقومين بها، حاولي خلال الأسابيع القادمة أن تركزي انتباهك على الإيجابيات الموجودة في نفسك، وحياتك من ظروف وصفات وإمكانات، وخاصة أنك مخطوبة، وانظري لنصف الكأس المملتئ، واتركي قليلا النصف الفارغ، ذكري نفسك يوما بما وهبك الله تعالى من إيجابيات، واشكري الله تعالى عليها القائل: "لئن شكرتم لأزيدنّكم".

ولكن يتعذر علينا أحيانا القيام بهذا التغيير بمفردنا، فنحتاج عندها للحديث مع شخص آخر، إما شخص قريب منا كصديقة أو قريبة لك ولديها خبرة في الحياة، أو شخص متمرن على التعامل مع مثل هذه الحالات كالأخصائية النفسية، ممن يفيد الحديث معها، فأحيانا مجرد الحديث في الأمر يساعدك كثيرا على التغيير المطلوب.

وفقك الله، وأرجو لك زواجا موفقا وسعيدا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً