الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في عذاب لأني أشعر بالكره تجاه أولاد أخي الكبير! كيف أحبهم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
لدي موضوع يسبب لي أزمة بحياتي، وتعب شديد، وأرجو مساعدتي.

أولا: أنا أصغر إخوتي، ولدى إخوتي الكبار أطفال بعمر 5 و 9 سنوات، أخي الكبير بالأخص لديه أربع أولاد كنت من أكثر المحبين لهم، وكان شعوري بأني أصبحت عمة عظيم، لكن كان شعور لفترة مؤقتة منذ أن يصلوا لعمر معين أشعر تجاههم بشعور كره وحقد لا يوصف، هم صغار لم أر منهم خيرا او شرا.

وكل ما يولد طفل أحبه، وعندما يصل لعمر معين يبدأ لدي شعور الكره، هذا الموضوع سبب لي مشاكل كثيرة مع أهلي، ومع أمي بالأخص حتى وصلت لمرحلة تقول: والله لا أرضى عليك إذا لم تحبيهم وتحسني إليهم، رغم والله أني لم أؤذيهم، فقط أنا لا أتحدث إليهم أبدًا من الأساس، حتى لا يوجد سلام بيننا! هم أطفال بين عمر 6 و10 سنوات، بالرغم من أن باقي أبناء إخواني الآخرين أطفال يحبونني جدا، وأحبهم.

كل المشكلة مع أبناء أخي الكبير، أمي تحبني جدا وتعتبرني مثلا يدها اليمنى معها بكل شيء، وأساعدها وترتاح لي أكثر من إخوتي، لكن هذا الموضوع سبب لي تعبا شديدا، والله، لا أعلم لماذا أكرههم، عندما أراهم أغضب وأتمنى لو يختفوا من حياتي، لماذا؟ لا أدري، ليست غيرة، أنا كبيرة، ولا ينقصني شيء، -الحمد لله- وأهلي يحبوني جدا، لكن هذا الموضوع متعب جدا.

أحيانا أستيقظ من نومي أبكي لأني أراهم بمنامي وأهلي يضربونني بسببهم، ومثل هذه الأحلام، أراهم كثيرا بمنامي وأستيقظ وأنا أبكي جدا لا أعلم لماذا هذا الكره والغضب منهم، أحيانا أشك بأنه أصابتني عين، لكثرة أولاد الأخ لا أعلم، لكن الموضوع أرهقني جدا أريد أن أكون طبيعية، هل هو شيء نفسي أم ماذا؟ أتوتر جدا عند رؤيتهم، أتعب وأغضب ودوما أبكي لهذا الموضوع، حاولت كثيرا أن أحبهم، لكن في كل محاولة أكرههم أكثر، لا أعلم لماذا كل هذا بقلبي، مع أنهم صغار.

أتمنى الموت أحيانا لأرتاح من هذا التعب الذي أشعر به طوال اليوم، وبشكل لا يوصف والله، بالنهاية أرجو مساعدتي، هل هذا شيء نفسي؟ كيف أحبهم وأبدأ صفحة جديدة، هم يكبروا والحياة تتغير، وشعوري لا يتغير، حاولت بكل الطرق أهلي ضربوني، وأنا عذبت نفسي، ورغم هذا لم يتغير شيء، بل زاد.

أرجو مساعدتي، ولو بحل بسيط، أنا تعبت من هذا كله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara Mohamad حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذا الكره لهؤلاء الصغار لا مبرر له أبدًا، والإنسان في بعض الأحيان تأتيه مشاعر سخيفة، مشاعر شاذة، وعليه أن يكبحها، يجب ألَّا يقبلها من خلال الحوار النفسي الداخلي، من خلال الرجوع إلى قيمنا الإسلامية العظيمة، وأن يُذكّر الإنسان نفسه بأن الكراهية أمرٌ مبغوض، خاصة للأرحام، هذا مطلوب منك.

ومن الناحية النفسية غالبًا تفسير هذا الأمر أن الكراهية أصلاً من جانبك هي لوالد الطفل أو لوالدته أو لكليهما، وهذا قد لا يكون في الظاهر، هذا قد يكون على مستوى العقل الباطني، لكنك لا تستطيعين أن تواجهي الأخ، ولا تستطيعين أن تواجهي أم الأطفال، لذا يحدث ما يُسمَّى بالإسقاط النفسي، أن تُسقطي الكراهية على الصغار؛ لأنهم هم ضِعاف، لكنك لا تستطيعين أن تواجهي الكبار، وفي هذه الحالة هما الأب أو الأم أو كلاهما.

هذا تفسير نفسي علمي قد يكون خاطئًا وقد يكون صحيحًا، وإن كنتُ أراه هو الأقرب لأن يكون هو الصحيح.

فإذًا اسعي أن تُحسِّني علاقتك كثيرًا مع أخيك، وكذلك مع زوجته، وأن تحاوري نفسك في ذات الوقت حول أمر هذه الكراهية، وأنها أمرٌ بغيض، ووطدي علاقتك مع والدي الأطفال، وهذا تلقائيًّا سيؤدي إلى إسقاط إيجابي، كان الإسقاط سلبيًا يمكن أن يتحول إلى إسقاطٍ إيجابي.

وعليك أيضًا أن تبحثي عن يتيم وتمسحي على رأسه، وابنِ في هذه الحالة مشاعر إيجابية أيضًا نحو الأطفال، المسح على رأس اليتيم يزيل الكره من القلب.

وعليك أن تكثري من الاستغفار والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وحاولي أن تُلاعبي هؤلاء الأطفال، حتى وإن كانت مشاعرك نحوهم سيئة، لكن الإنسان حين يتمثّل ويُصِرُّ على الشعور المخالف لشعوره يستطيع أن يُبدِّل شعوره السلبي إلى شعورٍ إيجابي، هذا مهمٌّ جدًّا، واجعلي توقعاتك نحوهم دائمًا توقعات خير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً