الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الأمراض أتعبني، فكيف الخلاص منه؟

السؤال

السلام عليكم
بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير

أنا شاب عمري 21 سنة، أدرس في كلية التمريض، وهذا يجعلني عرضة لكل أنواع الأمراض في المستشفى، وأرى يوميا المرضى -عافاهم الله-. مع الوقت أصبحت أوسوس في كثير من الأمراض خاصة الخطيرة منها، فعندما أحسست حبة صغيرة في الخصية جننت وخفت كثيرا؛ لأني أرى ما يعانيه المرضى -عافاهم الله- من كل ألم، وكلما رأيت حبة صغيرة أو ألما أجن من الوسواس.

يا دكتور اعتبرني مثل ابنك، وهذا الوسواس أتعبني، أعلم أنه ينقص إيماني، لكن في الحقيقة أخاف الأمراض الخبيثة؛ لأني أخاف الموت، دائما أتحسس جسمي، منذ سنة أحسست حبة صغيرة جدا في الخصية وذعرت، لكن بعد الفحص اتضح أنها قيلة - والحمد لله- والآن ظهرت حبة أخرى، ورغم ذلك ذعرت مرت أخرى.

يا دكتور بارك الله فيك، أعطني موعظة تكون قاتلة نهائيا للوسواس.

بارك الله فيك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سفيان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأول ما أبدأ به هو أني لا أراك ناقص الإيمان أبدًا، هذه الحالات تأتي للبرِّ والفاجر، وللغني وللفقير، وللقوي وللضعيف، فالإنسان هو الإنسان، وحالتك حالة بسيطة جدًّا، لديك قلق مخاوف ذو طابع وسواسي مرتبط بمهنتك، وكلنا مررنا بهذه المرحلة، فأنا حين كنتُ طالبًا في كلية الطب كل مرضٍ يتحدَّث عنه الدكتور أو يعطينا محاضرة أو نقرأ عنه كثيرًا ما يتمثَّل لنا أننا نعاني من نفس الأعراض.

هذه الظاهرة ظاهرة معروفة، فلا تحمّل نفسك عبء هذه الوساوس دون داعٍ لذلك.

أيها الفاضل الكريم: {قل لن يصيبنا إلَّا ما كتب الله لنا}، اجعل هذه ديدنك وشعارك، وعليك بالأذكار، واسأل الله أن يحفظك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك ومن شمالك ومن فوقك، وألَّا تُغتال من تحتك.

الأمر في غاية البساطة، هذه مجرد وساوس مرتبطة ببيئة العمل، ويجب أن تعلم وتُدرك أنك تقوم بعمل جميل، أنك الآن في طريقك لتمتهن مهنة إنسانية عظيمة، مَن يُؤَدِّيها على وجهها لا شك أنه سوف يجني خيري الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.

لا تحقّر مهنتك، أقْدِم عليها، تميَّز فيها، ساعد المرضى، ساعد الضعفاء، تعلَّم كيف تتطور، كيف تكتسب المعرفة، بهذه الكيفية سوف تخرج نفسك من نطاق هذه الوساوس، فأرجو أن تجعل حياتك على هذه الشاكلة.

وعلى النطاق الاجتماعي: يجب أن تستغل وقتك بصورة طيبة، يجب أن تكون نشطًا متواصلاً اجتماعيًّا، تقوم بواجباتك الاجتماعية على أكمل وجه، تُرفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، تُصلي صلواتك في وقتها، تكون صحبتك دائمًا من الأخيار، تكون بارًّا بوالديك، يكون لديك توقُّعاتٍ حسنة حول المستقبل، تقرأ، تطِّلع، تتزود بالمهارات وبالمعرفة المختلفة.

بهذه الكيفية – أيها الفاضل الكريم – يتحسَّن البناء النفسي لديك، ويجعلك تتطور مهنيًا، ومن حيث المشاعر، ويتقلَّص هذا الخوف وهذا الوسواس.

أيها الفاضل الكريم: حتى نضمن أننا سوف نقضي على هذه الظاهرة تمامًا أنصحك بتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف، الدواء سوف يُساهم في إزالة الأعراض بشكل واضح، وهذا يُشجعك في عمل التطبيقات السلوكية التي ذكرتها لك، فالعلاج السلوكي هو الأصل، والدواء يجعلك أكثر قبولاً واستقبالاً واستفادة من العلاجات السلوكية المعرفية والاجتماعية التي تحدثنا عنها.

من الأدوية الممتازة التي سوف تفيدك عقار (سبرالكس)، والذي يُسمَّى علميًا (استالوبرام)، دواء نقي، ممتاز، سليم، غير إدماني، وأنت تحتاج له لفترة قصيرة وبجرعة صغيرة.

جرعته هي عشرون مليجرامًا في اليوم، لكن لا أعتقد أنك تحتاج لهذه الجرعة، عشرة مليجرام في اليوم سوف تكون كافية جدًّا بالنسبة لك، ابدأ بخمسة مليجرامات يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها عشرة مليجرامات يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوع واحد، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً