الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أجعل قلبي يحب البشر، ولكن لا يحبهم أكثر من الله ولا يتعلق بهم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاه تزوجت منذ ثلاث سنوات، وأنجبت طفلا جميلا، -ولله الحمد- أكمل دراستي عن طريق النت.

منذ 2016/1 سافرت أنا وزوجي وابني من البلد الذي كنا نقيم فيه إلى بلدنا الأم بسبب ظروف عمل زوجي، لكن أهلي بقوا هناك، ومنذ تلك المدة أهلي لم يأتوا إليّ، رغم أنهم لديهم القدرة المادية، ورغم أني أخبرتهم أني أتمنى رؤيتهم، ولكنهم لم يأتوا، ومن بداية نزولي إلى بلدي الأم وأنا أعاني من أمراض جسدية عديدة وأيضا أهلي يعلمون أني مريضة، ولم يأتوا فعلمت أنه لا خير في البشر، وكلهم زائلون.

كل صديقاتي يسألون كل فتره عني، وأيضا أحببت دكتورة كنت أتعالج عندها، ولكني بدأت بالابتعاد عنها؛ لأني تعلقت بها، وتعلمت من كل هذه الدروس أن الغلط في أني أحب البشر أكثر من الله، والعياذ بالله، وأتعلق بهم، فلهذا كان الله يبعدهم عني؛ لأن الله يغير على قلوب عباده.

السؤال: كيف أجعل قلبي يحب البشر، ولكن لا يحبهم أكثر من الله ولا يتعلق بهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمه الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك في موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله أن يسعدك في الدنيا والآخرة، والجواب على ما ذكرت.
- بداية احمدي الله تعالى على نعمة الاستقرار الأسري التي افتقدها الكثير من الناس.
- وأما مسألة زيارة الأل لك وأن لديهم المقدرة على ذلك، ومع هذا لم يأتوا للزيارة، فيمكن أن لديهم موانع تمنع من هذا، أو أنهم لا يريدون أن يثقلوا عليك بالزيارة، أو أنهم لا يدركون أهمية ذلك ويمكن تذكيرهم بين فترة وأخرى، ولكن اعلمي أهم إذا لم يأتوا للزيارة، فلا ينبغي تصور أنه لا خير فيهم، فمهما كان فهم أرحامك وأهلك، ولا يمكن أن يقصروا في حقك.

- وأما مسألة الحب والعلاقة مع الآخرين، فينبغي أن تكون قائمة على أن تكون حبا في الله ولله، أي أن تكون خالصة لوجه الله الكريم، وليس مرتبطة بالمصالح متى ما انتهت انتهت العلاقة، وأن تكون قائمة على طاعة الله، وتحقيق المصالح المشتركة لكل طرف.

- كما أن الصداقة والعلاقة مع الآخرين ينبغي أن تكون معتدلة، فلا جفاء عن الأصدقاء إلى درجة القطيعة، ولا غلو فيها إلى درجة الإغراق في الحب المفرط، والذي لا يستطيع مفارقة الصديق أو أنه لا يقبل منه هفوة، أو خطأ، فعن عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - أُرَاهُ رَفَعَهُ - قَالَ : " أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا". رواه الترمذي. قال المناوي في شرح الحديث:" إذ ربما انقلب ذلك بتغير الزمان والأحوال بغضا فلا تكون قد أسرفت في حبه فتندم عليه إذا أبغضته، أو حبا فلا تكون قد أسرفت في بغضه فتستحيي منه إذا أحببته " فهذه الدكتورة التي تعرفت عليها اجعلي الصداقة معها على ما ذكرت لك، ولا تخافي قطعها وأرجو أن تكون متفائلة.
- وأخيرا ينبغي أن تعلمي أن المحبة على ثلاثة أقسام: 1. محبة شرعية وهي محبة الله عبودية، ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباعا وتأسيا، فهذه محبة واجبة ومن أصول الإيمان وكمالاته.
2. محبة في الله وهي للأخوات الصالحات، وهذه ينبغي أن تكون طاعة لله وفيها التعاون على البر والتقوى، وهذه مستحبة وقربة إلى الله، ولا يجوز أن تكون مخالفة للمحبة الشرعية أو أن يكون فيها معصية لله، وإذا حدث ذلك يمكن أن تنقلب بغضا وكرها وقطيعة.

3. المحبة الطبيعية مباحة شرعا، وهي المحبة للأهل والاولاد والزوج، وهذه ينبغي أيضا أن تخالف المحبة الشرعية.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً