الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحبس مشاعر الحب بداخلي ولا أستطيع البوح بها لأسرتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
أرغب في الاستشارة عن أمر بات يشغل تفكيري مؤخرا، ويؤرقني إلى حد ما.

أنا فتاة في العشرين من عمري، تبدو مشاعري باردة مع الجميع، وخاصة أفراد أسرتي لربما أتصرف بودية أحيانا مع البعض؛ لأتماشى مع المجتمع، على عكس ما أشعر به تجاههم.

ما يزعجني حقا أنني أكره أن يقترب أحد مني، أو يحضنني، أو أي نوع من أنواع التقارب مثل: عبارات المحبة والاهتمام من الآخرين، ولا أطيق أن يحدث ذلك أبدا، مع أنني في داخلي أحب أسرتي وأصدقائي، وأحمل مشاعر جياشة، ولكنني لا أستطيع أن أظهرها.

سؤالي هو: هل حالة الانزعاج والنفور التي أشعر بها تجاه التقارب الجسدي، أو الكلام العاطفي طبيعية؟ وما الذي أعانيه بالضبط؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ zinb حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فلا يخفى على أمثالك أن برود العواطف سمة للمجتمعات العربية -إلا من رحم رب البرية-، والأدق من هذا أن نقول أن البرود في التعبير عن المشاعر والعواطف موجود بكل تأكيد، بل بعضها فطري كعاطفة الوالدين تجاه الأبناء والبنات، لكن يظل الإشكال في فقر وسائل التعبير، وفي عدم فهم لغاتنا في التعبير عن الحب.

الرجل مثلا: يحب زوجته ولكنه يعبر عن ذلك غالبا بالعطاء وتنفيذ الطلبات، فلو قيل لرجل أنت لا تحب زوجتك فسوف يقول مباشرة: أنا الذي اشتريت لها وعملت لها، وهو صادق في كل ذلك، ولكن يفوت عليه أن الأنثى بحاجة إلى تعبيرات مباشرة، وقد ورد في بعض الدراسات أن الأنثى تحتاج إلى أن تسمع في اليوم الواحد أحبك يا فاطمة 5 مرات، والذكر يحتاج ثلاث مرات أحبك يا صالح، وقد ذكرت هذا مرة في بعض محاضراتي، فقاطعني أحد المتخصصين في علم النفس، وقال: يا شيخ ضع صفرا أمام الخمسة، وصفرا أمام الثلاثة، كأنه يريد أن يقول 50 مرة و30 مرة، فقلت له أوافقك على ذلك، ولكن بعدد من لغات التعبير عن الحب والعواطف والتي منها. النظرة واللمسة والسمة والعطية والهدية والمكافئة الاحتماعية والإيماء والتأييد والاهتمام والتشجيع. وقد ألف بعضهم كتابا فيه 250 طريقة للتعبير عن الحب، وأؤكد أنها قابلة للزيادة.

والمرأة تحب زوجها، ولكنها قد لا تعبر عن ذلك؛ لأنها تظن أنه سوف يمتلىء بالغرور والدلال، وهذا بلا شك خطأ؛ لأنه إذا لم يجد ذلك من زوجته فقد يبحث عنه في الخارج، ويؤسفنا أنه سيجد، والأمر كذلك في علاقات أفراد الأسرة، فالحب موجود، ولكن الخلل في المفاهيم ووسائل التعبير عن الحب.

أما بالنسبة لما يحدث معك: فالسبب فيه أننا ما تعودنا ولا تدربنا، ولم نجد الصور الصحيحة في التعبير عن الحب، والإنسان يتعجب من أين جاءنا هذا الجفاء ونحن ننتمي لنبي ما دخلت عليه ريحانته الزهراء إلا قام إليها وقبلها وأجلسها؟ ولا دخل عليها إلا فعلت معه مثل ذلك، وهذا صديق الأمة يدخل على أمنا عائشة، ويقبل خدها ويقول كيف أنت يا بنية؟

ومن هنا فنحن ندعوك إلى بذل مشاعر الحب لإخوانك وأفراد أسرتك ومحارمك، ومستقبلا لزوجك، وندعوك إلى تقبل مشاعر من ذكرنا، وإظهار الفرح، واعلمي أن الحب أخذ وعطاء، وأن ممارسة العواطف الحلال مع من حولك -ممن ذكرنا- ومع الصديقات الصالحات، مما يقوي مخزون الحب، ويزيد في أرصدته، وأنت أنثى، والأنثى هي المانح المستقيم والأصلي للعواطف، وربما يكون ما عندك من صدود سببه التغيير المفاجىء في هذا الميدان، فبعض من يطلب منه إظهار المشاعر اللطيفة لمن حولهم يترددون ويتحرجون في البداية، ولكن الحرج يزول بالإصرار والاستمرار بعد توفيق الواحد الغفار سبحانه.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، مع ضرورة الاحتكام في حبنا أو بغضنا وفي سائر أحوالنا إلى قواعد الشرع الحنيف.

وأسأل الله أن يوفقك، وأشكر لك السؤال، ونتمنى أن نكون قد وفقنا في حل الإشكال، ونسعد بالاستمرار في التواصل والسؤال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً