الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دائم الغرق في أحلام اليقظة والأفكار السلبية، فكيف الخلاص؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لطالما كان موقعكم قبلتي بعد الله عز وجل إن ضاق بنفسي أمر ما، ودائما ما أجد الإجابة الشافية بصدر رحب، فجزاكم الله عني وعن المسلمين خيرا.

أنا طالب جامعي أبلغ ٢٢ سنة من العمر، استشرتكم وغيركم سابقا في عدد من المسائل النفسية وكنت في الغالب أعلم ما هو جذر مشكلتي لكني لا أجد حلها؛ أما هذه المرة فلا أعلم ما هو مصدر الحال التي أنا بها!

مشكلتي أنا دائم الغرق في أحلام اليقظة والأفكار السلبية، ولأوضحها لكم فسأذكرها في نقاط:

- الطموح الزائد: أرغب بشدة أن يكون لسني عمري أثر في الدنيا يبقى أجره، ولأني لا أجد هدفا واضحا واقعيا فدائما ما أتخيل نفسي ناجحا في مناصب كبيرة بشكل خيالي، مما يعود علي بالإحباط، ويجعلني أمل من الاجتهاد والقراءة العامة في بعض المجالات التي أحب كالتاريخ والاقتصاد؛ إحساسا مني بعدم فائدتها.

- الإحساس بالنقص: كثيرا ما أشعر أني أقل ذكاء وعلما من أقراني (وأنا أعني أهل العلم والحفظ والقراءة لا عامة الشباب)، وأنهم ينظرون إلي كإنسان عادي ما يجعلني أبحث يائسا عن شيء أتميز فيه، ومن ناحية أخرى فقلة خبرتي في مسائل الحياة العامة بسبب ظروف حياتي المبكرة كثيرا ما يوقعني في الأخطاء التي -رغم أنها أمر عادي - تجعلني أحس بأني لا أستحق حمل أي مسؤولية.

- كثرة مراجعة الأخطاء: أنا أفكر باستمرار في أخطاء الماضي أيا كان نوعها وقدرها، وربما لذلك أنا أخشى دائما اتخاذ أي قرار مهما كان تافها خوفا من الخطأ، ولا أعلم إن كان لذلك علاقة بشخصيتي الكمالية.

- الاهتمام برأي الناس: أنا أهتم كثيرا برأي الناس في شخصيتي ومهارتي، ودائما ألحظ وأقارن ردود أفعالهم مع أني لا أبدي ذلك، وإذا أحسست أنهم ينظرون إلي بصورة سلبية فإني أقضي وقتي أدافع عن نفسي داخليا، أو أتخيل نفسي في مواقف تدحض ذلك الرأي، ولتعلموا فقد ترددت في إرسال هذه الاستشارة لكثرة ما سألت سابقا خشية أن يظن بي ضعف أو تشتت.

ما أود أن أختم به هو: أن هذه الأفكار قد تقلل أحيانا قدرتي على التركيز أثناء وقت المذاكرة، وقد تشعرني بالضيق، وأحيانا تجعلني أقوم بحركات لا إرادية، لكنها لم تبلغ الحد الذي يعطلني في مسعاي أو يجعلها ظاهرة علي.

أفتوني في أمري جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ليس من الضروري أبداً أن تكون هذه الأفكار التي تأتيك هي أحلام يقظة، هي أفكار وخواطر تأتيك، ونسبة لشخصيتك القلقة والحساسة ولجوئك للنمط الوسواسي في التفكير يحدث لديك القلق والتوتر الذي يشعرك بالضيق، وحتى الحركات اللاإرادية قد يكون مصدرها التوترات العضلية الناتجة من التوترات النفسية.

أيها الفاضل الكريم: لا تنزعج لهذا الفكر، وإنما تجاهله تجاهلاً تاماً، واربط حياتك بالواقع ولا تقلل من شأن نفسك. الفكر السلبي يوقفه الإنسان في بداياته -أي حين يكون خاطرة- ولا تترك الخاطرة لتتحول إلى فكرة، لأن الفكرة هي تبدأ بخاطرة، والفكرة حين يتمعن الإنسان فيها بدقة قد تتحول إلى صورة ذهنية، وإن كانت فكرة سلبية هذا يسبب إشكالات كثيرة جداً، فإذاً هذه الخواطر حين تراها ليست مجدية وليست صحيحة ولا تلامس الواقع؛ تجاهلها أو استبدلها بما هو مضاد لها.

وجد أن ممارسة الرياضة والنوم الليلي المبكر تقلل من القلق الذي يؤدي إلى تشتت الذهن، والأفكار من النوع الذي تحدثت عنه، فاحرص على النوم الليلي المبكر، واحرص على ممارسة الرياضة، وعلى تمارين استرخائية، واجعل لحياتك هدفا، حدد مشروع حياتك الذي تريد أن تنجزه في الحياة، وضع الخطوات والآليات والسبل والطرق التي توصلك إلى مبتغاك، وعليك بالصحبة الطيبة، وعليك أن تكون باراً بوالديك؛ هذا يعطيك شعورا إيجابيا جداً حول نفسك.

وبما أن هذه الأفكار ذات طابع وسواسي فأنا أنصحك بتناول عقار بروزاك، والذي يعرف باسم فلوكستين؛ حيث إنه دواء رائع وسليم، وأنت تحتاج له تقريباً لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، ابدأ بجرعة 20 مليجراما يومياً تناولها بانتظام بعد الأكل لمدة 4 أشهر، ثم بعد ذلك اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهراً آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً