الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهاب والاكتئاب وسوء الظن بالناس، كيف السبيل للخلاص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الرهاب الاجتماعي والاكتئاب وسوء الظن بالناس، وأتخيل المشاكل وأعمل لها سيناريو في عقلي، فلان سيعمل كذا، وأنا سأجيبه كذا، ولا يحصل شيء من الكلام، وأغضب بسرعة وأخجل وأتلعثم قليلا في المواقف مثل المقابلة مع المسؤال في العمل وبعض الناس، فما هو العلاج الدوائي والسلوكي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لا بد من الإنسان يُخالق الناس بخلق حسن، يجب أن نجعل ذلك شعارًا لنا، فلا إيمان لمن لا أخلاق له، وقد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكارم الأخلاق، ولذلك علينا أن نُذكّر بذلك كثيرًا، هذا فيه خير كثير، ويجعلنا حقيقة نتحكّم في مشاعرنا السلبية، خاصة الغضب حيال تصرف الآخرين، ولا بد أن نُحسن الظنَّ بالناس.

والإنسان إذا حرص على صلاته وأذكاره وتلاوة القرآن يحس أنه في أمانٍ وفي طمأنينة، وتتبدّل المشاعر السلبية لتُصبح مشاعر إيجابية حيال الناس، فاحرص على ذلك -أخي الكريم-.

ودائمًا كن حسن التوقعات، ويجب أن يكون لديك العزيمة والإصرار، أن تكون مفيدًا لنفسك ولغيرك.

الرهاب الاجتماعي يُعالج من خلال التحقير، ومن خلال القيام بالواجبات الاجتماعية: زيارة المرضى، الذهاب إلى الأعراس، وتلبية الدعوات، تقديم واجبات العزاء، المشي في الجنائز، الترفيه عن النفس مع مجموعة من الأصدقاء، ممارسة رياضة جماعية، هذه وسائل مُتاحة في مجتمعنا، وهي بالفعل تُعالج الرهاب الاجتماعي، وتعود بمردود إيجابي على الإنسان، ممَّا يُحسِّن من مزاجه، بمعنى آخر: أن ذلك يؤدي إلى زوال الاكتئاب، وهذا هو العلاج السلوكي.

طوّر نفسك أيضًا في مجال وظيفتك، لأن تطوير المهارات الفنّية والعملية يجعل الإنسان إيجابي في التفكير وفي المشاعر وفي السلوك، وهذا قطعًا مطلوب، عبِّر عمَّا بداخلك، ولا تكتم، ولا تحتقن نفسيًّا؛ لأن الكتمان يجعل الإنسان سريع الغضب والاستثارة، وتذكّر التربية النبوية العظيمة فيما يتعلَّق بعلاج الغضب، أولها: (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، ثانيها: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وحين يكون الغضب في بداياته غيِّر وضعك، إن كنت جالسًا فقم، وإن كنت واقفًا فاجلس، واتفل على شقك الأيسر ثلاثًا، وجرِّب أن تتوضأ ولو لمرة واحدة، لأن الوضوء يُطفئ نار الغضب، وتذكّر أن شخصًا ما إذا غضب أمامك وفي وجهك وكان غضبه مُوجًّها إليك هذا لن يكون مقبولاً لديك، فبذات المستوى إذا غضبتَ أنت في وجه أحد فهذا لن يكون مقبولاً لديه، وما لا نرضاه لأنفسنا يجب ألَّا نرضاه للآخرين، ويجب أن نستوعب ونستدرك أن تبسُّمك في وجه أخيك صدقة فيه خير كثير جدًّا بالنسبة لنا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: مُحسِّنات المزاج ومُزيلات الرهاب كثيرة ومعروفة، ومن أفضلها عقار (لسترال) والذي يُسمَّى علميًا (سيرترالين)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدأ بنصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجرامًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، هو دواء سليم جدًّا، ومفيد جدًّا، وتوجد أدوية كثيرة غيره، ولو تواصلتَ مع طبيب نفسي هذا أيضًا سوف يكون مفيدًا بالنسبة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً