الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في البنوك الربوية وأهمية إصلاحها

السؤال

تساؤلات كثيرة ومتكررة في موضوع العمل في البنوك الربوية التي تعتبر الأكثر انتشارا في العالم حيث ترتبط هذه البنوك بالمنظومة الاقتصادية المعمول بها في الدولة والمعمول بها في النظام الاقتصادي العالمي وتجد قوانين تفرض عليها من البنك المركزي التابع للدولة يلزمها بالتعامل بالربا مثل طلب البنك المركزي من البنوك بإيداع جزء من ودائع العملاء في البنك المركزي بفائدة معينة، كما أعتقد أن البنوك الإسلامية تخضع لنفس القانون وأن رفض البنك الإسلامي مبدأ الفائدة وطلبه من البنك المركزي تصفيرها على ودائعه فان أمواله سوف تختلط بالأخرى التابعة لقانون الفائدة وحتى لو راقبنا عمل البنوك الإسلامية من ناحية عقلية فأنا لا استطيع الحكم عليها من ناحية شرعية لاننى غير مؤهل لذلك فسوف نجد آلية عمل البنك مثلا على مستوى الإقراض بأن يتم التفاوض مع العميل على المبلغ المراد اقتراضه من البنك على شكل سلعة و يتم التفاوض مع العميل على قيمة المرابحة(الفائدة في البنوك الربوية) على قيمة السلعة و يتم الاتفاق المبدئي مع العميل على المبلغ المراد أخذه من البنك على قيمة سلعة و قيمة التسديد بعد حساب المرابحة و يذهب العميل للبحث في السوق على سلعة توازي المبلغ المتفق عليه أو أن العميل يكون مسبقا قد بحث عن السلعة وذهب للتفاوض عليها في البنك والمفارقة الغريبة أن العميل يجب إن يتمم جميع إجراءاته في البنك لهذه المعاملة وإذا تراجع عن الشراء في أخر لحظة لا يحق له ذلك لأن البنك يكون قد اشترى السلعة له و لا يمكن إرجاعها و المفارقة الأخرى وهى من جهة العميل بأن العميل يقوم بهذه المعاملة لكي يقوم ببيع السلعة بعد الحصول عليها لأن هدفه بالأساس الحصول على السيولة بطريقة إسلامية يكون العميل قد دفع ضعف الفائدة المقررة في البنك الربوى بسبب ارتفاع سعر المرابحة في البنك الإسلامي و بيع السلعة بأقل من ثمنها الذي اشتراها به، كما أن هناك شيء أخر يجب نقاشه في هذا الموضوع و هو في غاية الأهمية فجميعنا يعرف أن جميع أموال المسلمين مودعة في البنوك للمحافظة عليها من السرقة أو التلف أو لاستخدامها في الإعمال التجارية والتحويلات بين دول العالم مع العلم بأنه لا يوجد طريقة أخرى للمحافظة على الأموال من السرقة أو لتنفيذ المعاملات التجارية والإنسانية إلا من خلال البنوك كما أن هناك معاملات كثيرة لا تدخل في الربا و تقدم خدمات مفيدة للمجتمع كما أريد الإشارة إلى إن هناك عددا لا يستهان به يعمل في البنوك وتعتبر البنوك مصدر رزق أساسي لهم ولعائلاتهم في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المسلمون......... الآن دعونا ندخل في لب الموضوع فلقد شاهدنا و قرأنا الكثير من الأسئلة التي ترد من موظفين يعملون في البنوك لعلماء الأمة ونجد الاختلاف الواضح و المتباين في فتاوى علماء الأمة ما بين محرم و محلل و من يقترح البقاء في العمل والبحث عن بديل وغيرها من الفتاوى .. وهنا أريد أن أضع مقارنة لا أعلم إن كانت في محلها وهي لمن يحرم العمل في البنوك استنادا إلى الآية القرآنية (وتعاونوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان) صدق الله العظيم، وتأتي الفتوى من أن أي شخص يعمل في البنك حتى ولو كان حارسا أو موظفا يؤدى خدمات أخرى غير ربوية هو داخل ضمن معنى الآية فهو بوجوده في هذه المؤسسة التي تعمل في بعض معاملاتها بالربا يكون عنصرا مساعدا في التعاون على الإثم و العدوان، المقارنة هنا هل الذي يعمل في إحدى مؤسسات الحكومة الأمريكية محرم عليه العمل أو محلل له خصوصا وأن الحكومة الأمريكية تعادى الإسلام و المسلمين و تحاربهم و تنهب خيراتهم فهل تنطبق هذه الآية على هذا الشخص الفعال في إحدى مؤسسات الدولة الأمريكية و حتى الأفراد الذين يعملون ضمن أنظمة غير إسلامية أو أنظمة متخاذلة تعمل ضد مصالح المسلمين هل يعتبرون داخل هذا المعنى خصوصا وأن عملهم في هذه المؤسسات الحكومية يحافظ على استمرارية هذه الأنظمة وهل المسلمون الذين يعملون في داخل إطار الدولة الصهيونية يشملهم هذا المعنى علما بأنهم يقومون ببناء هذا الكيان المغتصب لأرض المسلمين أم يقتصر هذا المعنى فقط على موظفي البنوك، علما بأن معظم هؤلاء العلماء محل ثقة للمسلمين و ليس عليهم مؤاخذات في فتواهم في كثير من الأمور ولكن عندما يأتي النقاش على البنوك التي تعتبر شريان الاقتصاد وفي نفس الوقت عندما يكون الموضوع متعلقا بالربا المعروف أنه من الموبقات السبع نجد كل هذا الجدل والخلاف بين العلماء أليس من الجدير بعلماء الأمة إن يولوا هذا الموضوع أهمية أكبر و يجتمعوا على فتوى نهائية بخصوصه بعد دراسته دراسة عميقة و مفصلة بالتنسيق مع رجال الاقتصاد و البنوك في العالم، وثقوا تماما أنه في حال خروج علماء الأمة بفتوى نهائية في هذا الشأن فإن الجميع سوف يلتزم بها وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكره الأخ السائل من أهمية البنوك في الاقتصاد أمر صحيح ولكن المطلوب إصلاح هذه البنوك حتى تكون معاملاتها وفق الشريعة الإسلامية.

خلاصة الفتوى:

المطلوب من المسلمين السعي لإصلاح واقعهم حتى يتوافق مع الشريعة الإسلامية، لا أن يطلب من الشريعة الموافقة على واقع فاسد ووضع مختل.

والعاملون في هذه البنوك الربوية منهم من يباشر عملية الربا كالكاتب والمحاسب فضلا عن المسؤولين في هذه البنوك، ومنهم من يعين عليه كالمتعامل معها فمنهم من يبيع لهم شيئا يستعملونه في معاملاتهم الربوية أو يؤجر لهم دارا لهذا الغرض أو يحرسها لهم.. ولا ريب أن إثم المباشر غير إثم المتعاون وإن كانوا كلهم يشتركون في الإثم.

وإذا كان الأمر كذلك فليس المطلوب من الشريعة أن تتكيف مع الواقع الخطأ بل المطلوب أن يصلح هذا الواقع ويعدل حتى يكون موافقا لها، ولو أن الشريعة تكيفت مع كل واقع خطأ لاندرست أحكامها ولم يبق منها اسم ولا رسم.

وإذا تقرر هذا فإن للضرورات أحكاما وكل حالة تدرس بمفردها، فقد يباح لشخص العمل في البنك الربوي لضرورة ملجئة.

وبالنسبة لاختلاف العلماء في ذلك، فالاختلاف من طبيعة البشر، وما يزال العلماء يختلفون في أغلب المسائل، وموقف العامي من هذا الاختلاف أن يتبع من يثق بعلمه وورعه، وراجع في مسألة الفرق بين المرابحة والقرض الربوي الفتوى رقم: 53251، والفتوى رقم: 63997. وفي مسألة موقف البنوك الإسلامية من البنك المركزي الفتوى رقم: 36524.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني