الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بقاء الزوجة في عصمة الزوج النصاب والفار من العدالة

السؤال

أنا امرأة مطلقة منذ 8 سنوات ولي ابن يبلغ من العمر 7 سنوات, كافحت في حياتي لكي أربي ابني وأؤمن له مستقبله, عمري 33 سنة خشيت على نفسي من الفتنة وخصوصا أن معظم الناس يطمعون فيّ كمطلقة، منذ شهر تزوجت رجلاً توهمت بأنه رجل بمعنى الكلمة وكنت فرحة أن ربنا هداني للصحيح وشكرت الله عليه, وبعد الزواج بأسبوع أخبرني بأن لديه مشكلة ستؤدى إلى حبسه وطلب مني مساعدته وأنه سوف يعطيني عندما يسافر كل ما أدفعه وأنه سيعوضني عن كل شيء فأعطيته كل ما ادخرته من سنوات عملي أعطيته مبلغ 10 آلاف جنيها ومصوغاتي الذهبية كلها وبعدها بفترة اختفي ثم غيّر رقم موبايله وللأسف بعدها اكتشفت بأنه سرق قائمة منقولاتي من دولاب ملابسي، لقد كانت ثقتي به بلا نهاية لا أعلم بأنه استخدم الزواج لنية النصب والاحتيال، وعندما بحثت عنه لم أجده تنكر أهله لي وادعوا أنهم لا يعرفون مكانه لكن بعد فوات الأوان تحريت عنه في مديرية الأمن ووجدته نصابا عالميا، وأنه عليه أحكاما قضائية في شيكات ووصلات أمانة، غير أنه مقر في قسيمة زواجي بأنه ليس في عصمته زوجة أخرى واتضح لي من الأحوال المدنية أنه متزوج من اثننتين غيري ومتخف منهم وهم أيضا لا يعرفون مكانه، غير الذين كانوا على ذمته وطلقهم بالإبراء وهذه هي مهنته يتزوج المطلقات بعد أن يعرف عنهم أن لديهم مالا ويستخدم الشرع في النصب عليهم ويستخدم كل الأساليب والحيل ليصل إلى غرضه، وبعد ما ينال مراده وينهى مهمته يختفي وللأسف اكتشفت بان لديه ثلاث بطاقات رقم قومي بوظائف مختلفة وأمه وأخوه أيضا يساعدانه على فعل جرائمه لأنه يغرقهم بالهدايا والأموال، عندما ذهبت إليهم عاملوني معاملة سيئة بعد ما عرفت حقيقتهم وواجهتهم بها وطردوني وقالوا لي: روحي اشتكيه ده إن عرفت تطوليه، الآن أنا لا أعرف طريقه لقد نصب علي تزوجني وأخذ مالي وقائمة منقولاتي وزور في قسيمة طلاقي وتركني أواجه العذاب أمام أهلي وزملائي، أنا لا أدري ماذا افعل هل أحتسب أمري على الله
أم أحرر عنه بلاغا خصوصا بعد ما عرفت بأنه تزوج امرأة أخرى بعد زواجي بأسبوع ليستولي على مالها ولكنى لا أعرف مكانها لأحذرها. أم أصبر عليه وكيف أصبر عليه وأنا أعلم أن فلوسه كلها من الحرام وأكل مال اليتامى، وما حكم الشرع، وهل زواجي منه باطل علما بأني كتبت كتابي في مسجد سيدنا الحسين أمام أهلي وزملائي وجيراني عليه، أفيدوني بالله عليكم ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما ذكرتيه أيتها السائلة من أنك قد قررت الزواج خوفا من الفتنة فهذا – إن شاء الله – قرار صائب من حيث الأصل، ولكن كان عليك مع ذلك أن تختاري الشخص الذي سيكون زوجا لك وستأمنينه على حياتك، وأن تسألي عنه وعن سيرته ديناً وخلقا، أما وقد كان ما كان وابتليت بمثل هذا الشخص الذي خدعك، وأخذ مالك، وكذب عليك، وزوّر في الأوراق الرسمية، وعرفت أيضا أن هذه عادته مع الناس، وأنه خلق متأصل فيه، فإنا ننصحك أن تحرري نفسك من هذه العلاقة وذلك بأن تطلبي الطلاق من هذا الرجل سواء أكان التطليق منه أم من المحكمة عن طريق رفع دعوى قضائية، وإعلام تلك الجهات بما كان منه من خيانة ومن تزوير في أوراق الزواج ونحوها، لأنه لا ينبغي لك البقاء مع شخص لا يخاف ربه ولا يراقب حدوده وليس أمينا على دينك ولا دنياك.

واعلمي أنه لا يستحب العفو في مثل هذه المواقف لأن العفو الذي ندب إليه الشرع وحث عليه هو العفو عن أناس تصدر منهم الأخطاء على وجه الزلة والفلتة، أما الأشخاص الذين أدمنوا ظلم العباد واعتادوا البغي والطغيان على عباد الله فالعفو عنهم إغراء لهم بالاستمرار على ما هم فيه من عدوان، قال سبحانه في سورة الشورى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ {الشورى:39}، ثم قال في الآية التي بعدها: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ {الشُّورى:40}.

ونقل القرطبي في تفسيره عن ابن العربي رحمه الله أنه قال: ذكر الله الانتصار في البغي في معرض المدح، وذكر العفو عن الجرم في موضع آخر في معرض المدح، فاحتمل أن يكون أحدهما رافعا للآخر، واحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى حالتين.

إحداهما: أن يكون الباغي معلنا بالفجور، وقحاً في الجمهور، مؤذيا للصغير والكبير، فيكون الانتقام منه أفضل.

الثانية:أن تكون الفلتة، أو يقع ذلك ممن يعترف بالزلة ويسأل المغفرة، فالعفو هاهنا أفضل، وفي مثله نزلت وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.

أما ما تسألين عنه بخصوص صحة هذا الزواج فإنا نقول: إن العقد إذا وقع مستوفيا الأركان من إيجاب وقبول، والشروط من ولي وشهود وصداق (مهر )، وخلا من الموانع كالتأقيت وكون المرأة في عدة ونحو ذلك، فإن العقد صحيح، وما حدث من تزوير من جهة الزوج فهذا يتحمله هو وحسابه عند ربه، قال سبحانه: وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا {طه:111}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني