الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم ينفق على زوجته وجعلها تقيم مع إخوته الذكور

السؤال

يوجد سيدة متزوجة من سنة في فرنسا بقيت في بيت والدة زوجها 6 أشهر وزوجها سافر وحده ولم يترك لها أدنى شيء نقود ولا حتى غرفة نوم مع العلم البيت بيه 3 رجال إخوة الزوج ،حتى تم جواز السفر سافرت بعدها كان سفرها صعبا في الغربة بعد حوالي شهرين توفي أبو الزوج وعاد للبلد يعني خارج فرنسا صمم الزوج بعدها أن لا يأخذ زوجته لتبقى مع أمه بالبيت وإخوته الثلاثة غير متزوجين مع العلم لم يترك لها مصاريف جاء أبي فقال له لا أبقى مع العلم ليس لديها غرفة خاصة بها فلم يحب يشتري لها غرفة فقلق أبو البنت كثيرا فجاء ببنته لبيته فلما صادف العيد لم يعيد عليها وسافر فرنسا دون أن يراها ولا حتى أدنى مصاريف ولا حتى يكلمها بالهاتف هي الآن ببيت أبيها يعني أم الزوج تحب لكي تبقى معها بعد وفاة أبي الزوج للعلم الزوج ليس لديه أبسط قدرة للمسؤولية ما الحكم في رأيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الزوج قد ارتكب – عياذاً بالله – جملة من الذنوب منها:

أولها: تضييع زوجته بترك الإنفاق عليها, إن لم يكن قد وكل أباه أو أمه في النفقة عليها بما يسدد حاجتها في المأكل والمشرب والملبس ونحو ذلك من الأمور الضرورية. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني. والنفقة واجبة للزوجة على زوجها بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فكفى بهذا الزوج إثما أن يضيع واجبا بهذا التحتم واللزوم. قال ابن المنذر: ثبت أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد أن ينفقوا أو يطلقوا. انتهى. وليعلم الزوج أن ما مضى من حق زوجته في النفقة إنما هو حق ثابت في ذمته لا يسقط بمرور الأيام. جاء في المغني لابن قدامة: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد ، في رجال غابوا عن نسائهم ، يأمرهم بأن ينفقوا أو يطلقوا ، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما مضى , ولأنها (النفقة) حق يجب مع اليسار والإعسار ، فلم يسقط بمضي الزمان ، كأجرة العقار والديون. انتهى

فعلى هذا الزوج أن يتقي الله وأن يوفي زوجته حقها من النفقة فإذا لم يفعل فعليه أن يطلقها ؛ لأن الله سبحانه يقول: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229} , وهو لم يمسك بمعروف فعليه أن يسرح بإحسان.

ثانيا: تركه لزوجته في بيت عائلته بدون حجرة مستقلة بها, وفي البيت ثلاثة من إخوته الذكور العزاب, وهذا فيه ما فيه من التضييع للحقوق وعدم المبالاة بحفظ الدين والعرض, وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء خصوصا أقارب الزوج فقال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه. قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت . قال وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزويجه لو لم تكن متزوجة ، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى .

ويخشى على هذا الزوج أن يكون من أهل الدياثة الذين أخبر الصادق المصدوق عنهم أنهم لا يدخلون الجنة فقال: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : مدمن الخمر و العاق و الديوث الذي يقر في أهله الخبث. رواه أحمد وصححه الألباني. وجاء في بعض روايات الحديث: قالوا : يا رسول الله أما مدمن الخمر فقد عرفناه فما الديوث قال : الذي لا يبالي من دخل على أهله. جاء في فيض القدير: قال ابن القيم : وذكر الديوث في هذا وما قبله يدل على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له. انتهى. فعليك أيتها الزوجة أن تطالبي زوجك أو يطالبه وليك بحقوقك من النفقة والسكن المستقل الذي تأمنين فيه على نفسك وعرضك، فإن أبى فعند ذلك يحق لك طلب الطلاق من هذا الشخص إذ لا خير في البقاء مع زوج بهذه الصفات. وللفائدة تراجع الفتويين: 2069، 34018.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني