الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على الزوج ومساعدته قدر الإمكان

السؤال

بعد 8 سنوات زواج حصلت لي مشكلة فظيعة اكتشفت أن زوجي مديون بمبلغ 300 ألف جنيه وأنه كذاب في الأول فهمني أن ديونه 15 ألف جنيه ثم 50 ثم 100 وأسرعت إلي أهلي وأحضرت منهم 22 ألفا وبعت أشياء بـ 20 ألفا وأنا أعمل في وظيفة مرموقة وهو طبيب بيطري طيلة 8 سنوات كنت لا أبخل عليه بشيء سواء يحتاجه هو أو البيت أو الأولاد أو حتى أهله وإنني أخاف الله دائما في كل تعاملاتي وأنا طيبة جدا ومتسامحة جدا ولكني لا أستطيع أن أسامح زوجي أبدا لأنه الآن تركني أنا والأولاد أتحمل مسئولية كل شيء أشتغل وأشتري طلبات البيت والأولاد وأدفع كل المصاريف دون أن يساعدني أحد بتاتا حتى إخوتي فنادرا ما يتصل بي أحدهم ويسأل هل الأطفال الصغار ناموا من غير عشاءأم تعشوا هل أحد منهم مريض هل أحد قال أريد بابا وكلامهم دائما بكرة أنت تتعودين والأولاد ينسون وبالرغم من ظلم زوجي لي وللأولاد إلا أنني متعاطفة معه لأنه دخل السجن وتخلى عنه كل أهله لأن لا أحد يستطيع سداد ديونه المهم أنني تعبت ودائما خائفة لا يحصل لي حاجة ودائما أشعر بالأرق وقلة النوم وساعات يبقي نفسي أساعد زوجي وأخلصه وسأموت عليه لأنه بصراحة طيب وساعات أحس أنه غير أهل لهذا الشعور لأنه رمى اولاده وتركني أتحمل المسؤولية وحدي ولا أدري مصيره بعد ذلك فهو عليه ما يقرب من 12قضية حكم عليه في ثلاثة بـ 1.5 سنة ونحن نخفي على الناس وعلى الأولاد ونقول إنه مسافر فأسرتي وأسرته كلهم ذو أوضاع اجتماعية متميزة وليسوا متميزين ماديا المصيبة أني اكتشفت أن زوجي استمر بكلية الطب البيطري 16سنة وتخرج 97 ولكنه مزور شهادة بتاريخ 92 مع العلم أنه مواليد 63 أشعر أن كل فرش بيتي من فلوس حرام وأنه استحل التزوير والنصب على الناس وفكرت كثيرا في الطلاق ولكن لا مكان لي سوى بيتي هذا في عمارة صغيرة يمتلكها حماي وأن كل ما حدث لزوجي بسبب شدة والده عليه وتحميله مسئولية كل شيء منذ كان طفلا 6 سنوات وكان والده الضابط دائما مسافرا وكان يكذب علي والده خوفا من عقابه بل وكل إخوته كذابون ولكن لم يضر أحد منهم نفسه كما فعل زوجي أنا لا أدري ماذا أعمل ليس عندي فلوس للمحامين ووالده رافض أن أي أحد يساعده من إخوته لأنه شخصية متسلطة وعصبي جدا ويهين أي أحد يخالفه حتى حماتي 60 سنة المريضة خلاص أنا تعبت خالص خالص ولا أملك إلا أن أشكو ضعفي وهو أني وقلة حيلتي إلى الله يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث اللهم أغثني أريد أي كلام يثبتني وينصحني أنا أربي أولادي على الدين والقيم والمبادئ وبعد لما يكبروا يجيء أحد يخطب بنتي ويسأل عن أبيها فما الوضع إنني أشعر باليأس والإحباط والفشل وهل أطلق أم أساعده ولكن كيف؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعليك أيتها السائلة أن تحمدي الله على ما أصابك من سوء، وأن تستغفري لذنبك، وأن تقابلي قضاء ربك بالصبر والرضا، فإنه سبحانه لا يقضي لعبده المؤمن إلا الخير، وإن بدا ذلك في صورة الشر والضرر، قال رسول الله: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، و ليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم وغيره.

واعلمي أيتها السائلة أن عواقب الأمور مغيبة عن الإنسان لا يعلمها إلا علام الغيوب جل في علاه، ورب أمر نظر الإنسان فيه فحسبه محض الشر، والحقيقة أن فيه خيره وفلاحه، ورب أمر نظر فيه الإنسان فحسبه محض الخير وفيه حتفه وهلاكه، قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}.

يقول ابن القيم: فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بالمكروه، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة، لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد. انتهى.

أما بالنسبة لما ذكرت من كون زوجك يقترف الأموال الحرام في مطعمه ولا يتحرى الحلال، وإن كان كما تقولين استمرأ التزوير والتدليس والنصب على الناس، فكان عليك أن تنصحيه وأن تخوفيه بالله وعقابه، وبعاقبة أكل المال الحرام وما له من تأثير لا ينكر في خراب البيوت وفساد الذرية وخيبة الرجاء وضياع الآمال, وأن تهدديه لطلب الطلاق إن لم يقلع عما يفعل، ولكن أما وقد حدث ما حدث، ونزل به من البلاء ما نزل وذاق وبال أمره وعاقبة بغيه، فإنا ننصحك بالصبر ومحاولة مساعدته بما تقدرين في حدود طاقتك ودون أن تكلفي نفسك ما لا تطيقين، حتى يأذن الله بزوال هذه الغمة وذهاب هذه البلوى، ويخرج من محنته، فإذا تم ذلك وفرج الله عنه، فحينئذ عليك أن تضعيه بين خيارين لا ثالث لهما؛ إما الاستقامة على أمر الله سبحانه وترك الحرام وإما الطلاق والانفصال عنه

وللفائدة تراجع الفتاوى التالية: 54858، 64596، 61093، 70126، 39315.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني