الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الزوجة في استرداد ما أخذه الزوج من مالها

السؤال

بعثتني الشركة التي أعمل بها إلى دورة تدريبية في دولة أوروبية وخرج معي زوجي وأولادي، تصرف لي الشركة مبلغا ماليا يغطي مصاريفي ومصاريف العائلة ينزل المبلغ في حسابي وكافة معاملاته باسمي حيث تقدم الشركة نوعين من المنح التدريبية إما لعائلة أو لعازب وقيمة راتب العازب (أو العازبة) هي 75% من قيمة المبلغ المخصص للعائلة، بحكم القانون يحق لزوجي الدراسة على حساب الشركة بحكم كونه مرافقا لي، ولكن نظراً لأن الشركة أمورها الإدارية مرتبكة فهي تتأخر في سداد معظم نفقات العلاج ودراسة المرافقين والأولاد وغيره من المصاريف لدرجة أن بعض الموظفين يستلمون مستحقاتهم المتأخرة بعد سنين من دوراتهم أحيانا..
اتفقنا أنا وزوجي على أن يدرس من الراتب الممنوح لنا إن لم يتم تغطية مصاريف دراسته من قبل الشركة، ولكن أنا كنت دائما مقتنعة بأنهم سيعيدون لنا أية مصاريف ندفعها ولو بعد حين لأنه حقه قانونيا وبسبب حدوث هذا مع بعض المعارف، ولكن زوجي لم يصدقني (رغم وجود فقرة صريحة في القانون بأحقيته ولم يصدق أنهم سيقومون بتغطية مصاريف دراسته وكان يستهزئ دائما بكلامي وبثقتي الزائدة في تطبيق القانون، وقمنا بالسؤال قبل مغادرتنا بلدنا فقالوا إن إجراء دراسة زوجي روتينيا قد يستغرق سنينا في عرف إدارات بلدنا ويحتاج لتقديم طلب لإدارة الشركة عند الوصول لبريطانيا، بعد وصولنا لبريطانيا بدأ زوجي بالدراسة على حسابنا الشخصي من المنحة الممنوحة لي وللعائلة واستخدم مالاً آخر لي كنت أحضرته معي ولم أمنعه ولم أبد اعتراضا لأنني أريد المصلحة له ولأنه أيضا لا خيار لدي، على العموم أنهى زوجي دراسته التي استغرقت سنتين وبعد انتهاء دراسته بشهرين تحصل على الموافقة بتغطية مصاريف دراسته من الشركة كما توقعت لأنه منصوص عليها قانونيا وصرفوا مبلغا مقابل ما تم دفعه من قبلنا، أعاد زوجي نفس قيمة مالي الذي أحضرته معي من بلدي وبقي مبلغ10000 جنيه وهو يقابل ما صرف من الراتب المصروف لي وللعائلة على دراسته ومصاريف دراسية للأولاد، أخذ زوجي المال وألمحت له أن لي حقا في هذا المال ولكنه لم يفهم أو تظاهر بعدم الفهم فكتمت حسرتي في قلبي واحتسبت عند الله، هذا الموضوع لا يزال يؤلمني من باب تطاوله على حقي، فهل لي حق بالمال، وهل له حق به علما بأن الراتب كله باسمي وأنا مسؤولة أمام القانون عن جميع المعاملات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس للزوج أن يأخذ من مال زوجته إلا ما طابت نفسها به، لما جاء في الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع المشهورة: ... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه.

ولا حق للزوج لا في مالها الأصلي ولا في راتبها إلا أن يشترط عليها جزءاً معيناً من راتبها مقابل سماحه لها بالعمل عند ذلك عليها أن توفي له شرطه، ومحل ما تقدم إنما هو مال الزوجة وراتبها الأصلي الذي تستحقه مقابل عملها.. وأما القدر الزائد الذي تصرفه جهة العمل للعائلة فالظاهر أن للزوج حقاً في هذا المال.

وعلى هذا الأساس يكون النظر في هذا المبلغ المتبقي الذي أخذه زوجك من جمله المال المصروف فنقول إن كان قد حصلت النفقة على العائلة من القدر الزائد على الراتب فلا حق لزوجك في هذا المال ويصبح هذا المال حقاً خالصاً لك.

أما إذا كنت تحوزين القدر الزائد إليك ولم يستهلك في النفقة على الأسرة فلا شك أن له حينئذ حقاً في هذا المال، ويبقى قدر ما يستحقه كل منكما من هذا المبلغ خاضعاً لحساباتكم لأنا لا نستطيع الجزم بحق كل واحد على وجه التحقيق لغياب التفاصيل..

وفي النهاية ننصحك بأنه إذا كان زوجك قد تعلقت نفسه بهذا المال فاتركيه له عفواً ومسامحة -حتى ولو كان لك فيه حق- فقد ندب الله سبحانه إلى العفو بين الزوجين حتى في حالة الطلاق، فقال سبحانه: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}، فإذا كان هذا في حالة الاختلاف والفراق فما ظنك بحالة الألفة والوفاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني