الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إساءة الظن بالزوجة من غير داع يفسد العلاقة الزوجية

السؤال

زوجي لا يثق بأحد حتى أنه اعترف لي بأنه لا يثق بي ويشك بي فما الحل ؟ وهو بطبيعة الحال يعمل موظفا في المحكمة -كاتب- يكتب قضايا المسلمين ومشاكلهم المعاصرة فهل هذا هو السبب، وما الحل برأيكم كيف أعيش معه كرهت حياتي كثيرا فقد منعني من زيارات المعارف والأعراس بحجة وجود أشخاص سيئين هناك أرجوكم ساعدوني.
وبالمقابل هو إنسان طيب وأنا أحبه كثيرا ويخاف الله لا يحب مناقشتي أبدا في أي موضوع ودائما يردد أنا الرجل وكلمتي هي التي تنفذ وبرأيكم بيت جدي وبيت عمي بينهم مسافة قصيرة جدا فهو لا يسمح لي أن اذهب إليهم إلا بالسيارة وهذا يضايق أهلي كثيرا لعدم وجود الثقة وأحيانا يتحجج بأني أخاف عليكم من الحسد وأحيانا يقول إن هذا البيت فيه شخص غير سوي فلا تذهبي إليه علما أن أخته هي صديقتي فما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظن السيئ بالمسلم والشك في أخلاقه ومعاملته بالريبة غير جائز شرعاً، لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. {الحجرات:12}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث...

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً.

وقال ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه.

وهذا لا يعني أن لا يغار الزوج على زوجته, فالغيرة في موضعها ممدوحة وهي مظهر من مظاهر القيام بالدين، لما فيها من صيانة للأعراض، وحفظ للحرمات، وتعظيم لشعائر الله, وحفظ لحدوده، وهي مؤشر على قوة الإيمان ورسوخه في القلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يغار والله أشد غيرة. رواه البخاري ومسلم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني. رواه البخاري ومسلم.

ولكن إذا زادت الغيرة عن حدها كانت نقمة على الشخص وعلى من حوله، وحينئذ يخرج الأمر من نطاق المدح إلى نطاق الذم, ومن دائرة الخير إلى محيط الشر, ويصير هذا الأمر مما يبغضه الله جل وعلا, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله، فأما ما يحب فالغيرة في الريبة، وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة. صححه الألباني.

و نهى النبي صلى الله عليه وسلم: أن يطرق الرجل أهله ليلا ً يتخونهم ويطلب عثراتهم. رواه مسلم.

والخلاصة أنه لا يجوز للرجل أن يسيء الظن بزوجته دون داع، وليس له أن يسرف في تقصي كل حركاتها وسكناتها؛ فإن ذلك يفسد العلاقة الزوجية ويقطع ما أمر الله به أن يوصل.

وما ذكرته أيتها السائلة من حال زوجك فهذا ولا شك خروج عن الحد وتجاوز للمشروع في أمر الغيرة, وهذا يوقع الزوجة في الحرج والضيق، وقد يكون من أسباب ذلك ما ذكرت من طبيعة عمله واطلاعه على المشكلات المعقدة التي دهمت بيوت المسلمين في هذه الأزمان - نسأل الله السلامة والعافية - ولذا فإن الحل في مثل هذه الحال أن تنصحي زوجك وأن تذكريه بخطورة الإفراط في الأمور عموما وفي الشك والظن خصوصا, وأن الإفراط عواقبه وخيمة مهلكة, وحاولي أن تمديه ببعض الأشرطة أو الكتيبات التي تتحدث عن الوسطية في الأمور وعن ذم الغلو والإفراط , وقد يكون من المفيد في مثل هذه الأحوال الذهاب إلى طبيب نفسي لأن هذا قد يكون من أعراض المرض المعروف بالوسواس القهري, وهذا له علاج يعرفه أهل التخصص والطب, وراجعي في قسم استشارات الشبكة الاستشارات رقم: 245347، 252822.

وننصحك بالصبر على زوجك وطاعته ما استطعت خصوصا مع ما ذكرت من كونه صاحب دين وخلق.

أما بالنسبة لمنعه لك من الذهاب إلى مكان بعينه فهذا يجب عليك طاعته فيه, طالما أنه لا يمنعك من زيارة أهلك وأرحامك. وراجعي الفتوى رقم: 110919.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني