الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التغافل عن دمامة الزوج ومحاولة تنمية مشاعر المودة

السؤال

أنا متزوجة منذ أكثر من عشر سنين، ولكني نادرا ما أنجذب لزوجي لأسباب كثيرة؛ منها وأهمها أنه ليس جميلا، وأنا أعلم تمام العلم أنه ليس له يد بذلك، فهذي خلقة الله ولكني أحب الجمال وأعشقه، حاولت كثيرا تجاهل شكله، ولكن للأسف لم أنجح. قد تقولون الأخلاق أهم شيء أنا معكم في ذلك، ولكن طبيعتي تحب الجمال أو حتى أن يكون فيه شيء من الجاذبية، وساعد على عدم انسجامي معه أنه من النوع الصامت الكتوم ولا يجيد فن الحوار ولا الحديث ولا الرومانسية ولا التعبير عن الحب، ولا يجيد التغزل بي أو مدحي فهو يجيد الكدح والعمل فقط، حاولت معه بالتلميح والتصريح، ولكنه قال لي لا أستطيع أن أفعل ما تقولينه لأن طبيعتي هكذا ولا أستطيع تغييرها
هذا أثر كثيرا على علاقتي به، فأنا لا أعطيه حقه بالفراش إلا وأنا كارهة، فأنا لا أنجذب إليه، لا يوجد به شيء يدعوني للانجذاب إليه، لا رومانسية ولا شكل، أقول في نفسي لو كان شكله مقبولا لانفتنت به وانجذبت إليه، ولكن الحمد لله على كل حال، أعرف أنكم ستقللون من مشكلتي وتعتقدون أني سطحية ولكن هذي تركيبتي أتمنى لو أنه يجيد الكلام، أو أنه مثقف أو لديه معلومات ثقافية، أو أنه متعلم تعليما عاليا، فشهادته الابتدائية، وأنا الجامعية. وهذا لا يدعوني أن أتكبر لا ولله الحمد، ولكني أريدكم أن تفهموا جوانب مشكلتي من جميع الجهات، فشخصيتي تختلف عنه تماما، ولكن كل ذلك يهون أمام شكله.
أحس أن مشكلة الشكل أثرت علي، أريد أن أعشق زوجي وأحس بمعنى الزواج، وخاصة في الفراش، فأنا لا أستمتع معه بسبب شكله.
أنا أم لأربعة أولاد، أرجو أن يكون عندكم حل أو على الأقل ادعوا لي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمحبة الجمال أمر فطري، ولا يُنْكَر على المرأة أن تطلب حسن الصورة في من يتزوجها، بل إنها إذا كرهت زوجها لدمامته حتى خافت ألا تقيم حدود الله معه، فقد أباح الشرع لها أن تختلع منه، حتى لا تظلم نفسها وزوجها، كما أن من حسن عشرة الزوج لزوجته أن يؤانسها ويلاطفها بالكلام الطيب، فإن ذلك مما يجلب المودة بينهما، لكنّ وجود المودة والألفة بين الزوجين قد يحتاج أحياناً إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، قال تعالى: .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ. رواه مسلم.

فلعلك إذا نظرت إلى الجوانب الطيبة في صفات زوجك وأخلاقه، تبدلت مشاعرك نحوه، وتحول قلبك إلى محبته، فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء.

واعلمي أن صبرك على زوجك في صمته وضعف إبداء مشاعر الحب، فيه أجر كبير، ما دمت لا تقصرين في حقوقه، وخاصة حق الفراش فإنه من أعظم حقوق الزوج، وليس عليك حرج في إجابتك له وأنت كارهة ما دمت لا تظهرين ذلك، كما أن في هذا الصبر الحفاظ على استقرار الأسرة، وتربية الأولاد في أسرة مترابطة.

وننبهك إلى أن مشاعر الحب والمودة ليست شرطاً لاستقرار الحياة الزوجية ، قال عمر رضي الله عنه لرجل يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟.

وقال أيضاً لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.

ثم إن هذه المشاعر يمكن تنميتها مع الوقت، فما دمت تحسنين عشرته ، وتظهرين له المودة والحب، ولو بالتكلّف والتصنّع، وتحرصين على إثراء مشاعر المودة عنده، بالمواقف الطيبة، والكلمات الرقيقة، والهدية ولو باليسير، والتعاون على طاعة الله، مع الاستعانة بالله ودعائه، فسوف يثمر ذلك ثماره الطيبة بإذن الله، فهو سبحانه قريب مجيب.

نسأل الله أن يؤلف بين قلبيكما، وأن يجعل زوجك لك قرة عين.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني