الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إجبار الزوجة على التنازل عن شرط السكن المستقل

السؤال

ماحكم من أخل بشرط من شروط عقد النكاح وأجبر زوجته على عدم المطالبة به بتهديدها بالطلاق، الأمر الذى جعل والدها يخاصمها ويمنعها من زيارته كونها خرجت مع زوجها دون علمه، الشرط هو السكن المستقل، علما أن له زوجة أخرى ولها سكن مستقل عن أسرته؟ وهل للأب حق على ابنته وهل تعتبر معصية؟ علما أن زوجها أساء لوالدها أمام الله وخلقه، وادعى عليه مرتين ادعاء باطلا عن طريق الشكوى ولم يفلح، وطرد جدها لأبيها من بيته، علما أنه بعيد عن أي صلح، بل استغل غضب الأب على ابنته وتطورت الأمور إلى مشاكل بين أبي البنت وأمها بسبب هذه المصيبة التى زرعها ذلك الزوج المنافق، لان الكذب والإخلاف بما وعد به جعلني أسميه بهذ الاسم. ماحكم مثل هذا؟ وهل على الأب إثم في منعها من زيارة أسرته؟ وماهو الحل أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المسكن المستقل حق من حقوق الزوجة ولو لم تشترطه في العقد, على ما بيناه في الفتوى رقم: 112772.

فإذا اشترطته في العقد فقد ازداد تأكده، ولا يجوز للزوج أن يخل به لأنه حينئذ يكون - بجانب ما ضيع من حق زوجه- قد خالف شرطه, وهذا لا يجوز لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: والمسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حسن صحيح, ويراجع في ذلك الفتوى رقم: 23286.

وما دام المسكن المستقل حقا من حقوق الزوجة وليس ركنا من أركان النكاح فإنه يجوز لها أن تتنازل عنه ولا حرج عليها في ذلك، بشرط ألا يوقعها هذا التنازل في معصية من اختلاط محرم ونحوه, فإذا تنازلت عنه فليس لأبيها بعد ذلك كلام، ولا يحق له أن يغريها بالتمرد على زوجها بسبب ذلك, وإلا وقع في التخبيب المحرم, وليس له أيضا أن يعاقبها على ذلك بمنعها من دخول بيته فيحرمها بذلك من صلة أرحامها, ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، وهذا إفساد في الأرض بغير الحق وصاحبه على خطر عظيم.

وأما ما فعله الزوج من إهانة والد زوجته، والادعاء عليه بالباطل، وكذا ما يفعله من تهديد زوجته بالطلاق ليذهب بحقها، كل ذلك حرام، ويتنافى أيما تناف مع ما أمر به الشرع من الإحسان إلى الزوجة ومعاشرتها بالمعروف, وما رغب فيه من حسن العشرة مع الأصهار.

والذي ننصح به هذه الزوجة هو أن تترفق في مطالبتها زوجها بما اشترطته عليه من المسكن المستقل، وتعلمه أن هذا حقها وأنه لا يجوز له أن يمنعها منه, ويستحب أن تصبر عليه في ذلك ولا تتعجل, مع الدعاء والاستعانة بالله سبحانه, فإن لم يستجب لها وأصر على حرمانها من حقها فلها أن تطلب منه الطلاق، وإن صبرت وتنازلت عن حقها فهو أفضل ما لم يوقعها في محرم .

أما بخصوص الأب فإن عليها أن تحسن صحبته وتلزم بره والإحسان إليه، وأن تقابل إساءته بالصبر والغفران , ولتحرص دائما على أن تخفي عنه كل خلاف بينها وبين زوجها فلا تظهر له إلا كل جميل, ولتعلمه أن طاعتها لزوجها واجبة، وأنها سبيل لبلوغ رضوان الله والجنة, وأنه لا يسعها معصيته إذا أمرها, وأن طاعتها لزوجها في المعروف لا تتوقف على إذن أحد.

فإن أصر على ألا تدخل بيته فيمكنها أن توسط بينها وبينه من له وجاهة عنده كأحد إخوته أو أعمامه أو أصدقائه, فإن لم يستجب فلتحرص على صلة أهلها بما تيسر لها من اتصال هاتفي ونحوه، ولتلزم التقوى والصبر والدعاء فإن الله جاعل لها – إن شاء – فرجا قريبا ومخرجا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني