الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يحرم على الزوج ترك النفقة على زوجته وأبنائه

السؤال

أنا سيدة عمري 47، متزوجة من 25 عاما، ولي أربعة أبناء، مشكلتي أن زوجي كنت أحسبه طموحا ولكنه شخص اعتمادي، اعتمد علي في كل شيء، ولا يسأل عن أبنائه في شيء حتى أصبحوا الآن في مراحل التعليم الجامعي بفضل الله، وخلال فترة زواجنا عانيت منه الكثير، فأنا لي مال ورثته كنت أصرفه علي أبنائي لتقصيره في الصرف عليهم ، يمكن أن يكون لعدم وجود مال معه، ولو توفر المال معه لا يعطيني ما صرفته، أنا بفضل الله من عائله كبيرة وهو من عائله أغلب ما فيها من إخوته لم يكملوا تعليمهم لأن والده كان لا يقرأ ولا يكتب وكان رجلا فاضلا رحمه الله، والحمد الله على حسن الخلقة، رأيت أن أكتب مشكلتي وما تقدم هو جزء منها، ومنذ 6 سنوات وزوجي لم يقم بالعلاقة الزوجية نتيجة ضعف أصابه بها وليس لمرض ظاهر، وأنا أرفض القيام بها لتضرري منها، ونظير هذا أصبح يسبني في أي وقت حتى أمام الأبناء بصوت، وأحيانا يلكمني في الفراش، وبدلا من أن يتلطف معي أصبح غير محتمل الأخلاق، وأيضا أصبح يخرج منذ ذلك الحين بلا أي سبب ممكن يمكث خارج البيت طوال اليوم بلا داعي، وهو أيضا كان يخرج سابقا كثيرا ويقضي مصالح كل إخوته وجميع الناس إلا أنا وأولاده، إلا بعد ما أكرر له طلبي لمصلحة ما لأولاده، وأيضا أصبح لأولاده كالغريب، وهذا منذ زمن- يدخل البيت يجلس أمام التلفاز إلى ما شاء وعندما يدخل يترك الأولاد المكان ويدخلوا حجرتهم دون أي كلمة ولا جلسة ود بينهم، صرفت أموالي من أجل تعليمهم أحسن تعليم وكسوتهم وعدم إحساسهم بأي حرج من أي نوع، وحرمت نفسي من كثير من الأشياء الضرورية لأوفر لهم كل شيء، وهو عندما يرزقه الله بالمال لا يعطيني ما صرفته ولا يكسوني، ولو مرضت لا يسأل عني، وأصرف على نفسي حتى للعلاج، والآن زاد أكثر بعد ما أصابه في العلاقة الزوجية، وأصبح لا يترك لي مالا، وكل المال يحمله معه في جيبه أو أي مكان، وهو يعرف أنني لا أفتش وراءه وأمينة والحمد لله، ومن تكرار ما يحدث من مشادة بيني وبينه على مصروف للمنزل أصبحت أنفق كل ما معي لتلافي ما يحدث بيننا، ولا أشتكي منه حتى أجعل له صورة جميلة أمام الناس؛ لأن بناتي على وشك زواج، وأخاف أن يتأثر الآخرون بما يحدث بيننا، تحملت الكثير منه. أريد أن أعرف منكم ما حكم الشرع في هذا الزوج؟ لقد احتسبت ما يفعله لي عند الله على الرغم من أني أحيانا أتذمر وأكلم نفسي بصوت عال وهل أنا آثمة؟ وأيضا يمكنني ترك المنزل والطلاق وأني لا أعمل، ممكن الحصول على معاش أبي، ولا أستطيع فعل ذلك خوفا على بناتي وهدم منزلي من أجلهم، فأنا أعيش كئيبة بدون أي حوار مع هذا الزوج على الإطلاق، وكل يوم أكرر نفس ما يحدث من أعمال منزلية، ولا أخرج من أجل أولادي، لكي لا نصبح أنا وهو خارج المنزل وذلك حفاظا عليهم. وأيضا هل أنا آثمة للامتناع عن زوجي لما سبق ذكره من كره هذه العلاقة. أفيدوني ماذا أفعل؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما يفعله زوجك من تقصير في حقك وحق أبنائه وترك النفقة الواجبة عليه حرام لا يجوز، وهذا من الظلم البين، وحسبه زاجرا عن فعله قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.

وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 113285. ماهية النفقة الواجبة على الزوج.

وأما عن استحقاقك لما أنفقته في الفترة السابقة على نفسك وولدك ورجوعك عليه بذلك، فقد بيناه مفصلا في الفتوى رقم: 76604.

والأصل المتقرر في شرع الله أنه لا يجوز للزوجة أن تمتنع عن فراش زوجها دون عذر شرعي من حيض أو إحرام بحج واجب ونحو ذلك، لما جاء في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع.

وكذا لا يجوز لها أن تخرج من بيته دون إذنه، كما بيناه في الفتوى رقم: 124187.

ولكن إن أعسر الزوج بالنفقة، أو امتنع من الإنفاق الواجب عليه، فحينئذ يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراشه، ويجوز لها أيضا أن تخرج من بيته ولو بغير إذنه، لأن المرأة محبوسة في البيت لحق زوجها لأجل إنفاقه عليها، فإذا لم ينفق فلا حق له في حبسها.

جاء في المجموع شرح المهذب: وان اختارت المقام بعد الاعسار لم يلزمها التمكين من الاستمتاع ولها أن تخرج من منزله، لأن التمكين في مقابلة النفقة، فلا يجب مع عدمها. انتهى.

وكذا يجوز لك أن ترفعي أمره للقاضي ليجبره على الإنفاق حال امتناعه أو ليفسخ النكاح حال إعساره.

قال الشوكاني في نيل الاوطار: وظاهر الأدلة أنه يثبت الفسخ للمرأة بمجرد عدم وجدان الزوج لنفقتها بحيث يحصل عليها ضرر من ذلك. انتهى.

وأما بخصوص المرض الذي أصابه، فإن كان قد سلبه القدرة على الجماع بحيث لا يقدر عليه البتة، فيجوز لك أن ترفعي الأمر للقضاء ليضرب له مدة قدرها الفقهاء بسنة، فإن لم يصبك خلالها فسخ النكاح، كما بيناه في الفتوى رقم: 48190.

أما إن كان هذا المرض لم يسلبه القدرة على الجماع، وإنما أضعفه وصار بحيث لا يقدر عليه إلا على فترات متباعدة، فهنا ينظر فيه، فإن كنت تتضررين بسبب تباعد هذه الفترات فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق للضرر، وأما إن كنت لا تتضررين بهذه الفترة فهنا لا يجوز طلب الطلاق بهذا السبب.

وننصحك بمواصلة الصبر حتى لا يتأثر أبناؤك وبناتك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني