الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجبرها عمها على الزواج من ابنه الذي ضيع حقوقها

السؤال

أنا امرأة متزوجة منذ أكثر من 18 عاما من ابن عمي ـ أخي والدي ـ وهو الوالي الشرعي لي، حيث إن والدي توفي وأنا طفلة صغيرة، وقد أرغمني عمي على الزواج من ابنه دون موافقتي خوفا من ذهاب الثروة التي سأرثها بعد والدي، فلم أكن موافقة على الزواج ولم يكن ابن عمي يرغب في الزواج مني، فقد تزوجني خوفا من والده، ولكن ـ ورغم مرور أكثر من 18 عاما على زواجنا ـ لم نأكل معا وجبة طعام واحدة، بل ولم يحدث بيننا ما يحدث بين الزوجين من معاشرة قط، فأنا أسكن في بيت بجانب بيت والده، وأما هو فيأكل وينام في بيت والده، ولا ينفق علي منذ أن تزوجنا، ورزقي يأتيني من الله عز وجل عن طريق البقرة التي لا أملك غيرها فأنا يتيمة و لا يوجد لدي إخوة وليس لي إلا عمي الذي ظلمني، وخالي الذي لا يسأل عني ولا يحاول أن يوقف بجانبي كي لا تسوء العلاقة بينه وبين عمي.
إنني صبرت كل هذه السنين الطوال على الألم والفقر والمعاناة والظلم وكنت آمل أن يتحسن الأمر وأن يتغير الحال، ولكن الحال ازداد سوءا، فمنذ أربع سنوات لا يدخل زوجي بيتي ولا يكلمني مطلقا، حتى إنني أحس أنه لا يطيق أن يراني رغم أنني لم أعص له أمرا منذ أن تزوجنا ولا أذهب إلى أي مكان إلا بعد استئذانه.
والآن وبعد أن فكرت كثيرا، أريد أن أعرف هل علي إثم بسبب أنني لم أخالعه؟ وأنا أعرف أن خلعه ليس بالأمر السهل فلا يوجد من يقف معي ولا أدري ماذا يجب علي فعله؟ أريد من حضرتكم أن تفتوني في ما إن كان علي إثم في سكوتي أم لا؟ وماذا يجب علي فعله كي أتخلص من هذا الظلم؟.
علما أنني ـ والله يشهد ـ لست مقصرة في حق زوجي وقد بذلت كل ما في وسعي كي يحبني، ولست أقل من نظيراتي في الجمال والأخلاق والدين، فزوجي لا يخاف الله وليس ملتزما بتعاليم الدين الحنيف، فهو متهاون في الصلاة وقد ثبت عليه الخلو مع نساء أخريات ولاقى ضربا مبرحا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان عمك قد أجبرك على الزواج من ابنه هذا وعقد لك عليه، بحيث لم يكن لك خيار ولا رضا, فإن هذا الزواج باطل وعليك أن ترفعي أمرك للسلطات المختصة كي تفسخ هذا النكاح أو تطلقك منه، جاء في فتاوى اللقاء الشهري لابن عثيمين: إذا كانت المرأة مغصوبة، فإنها إذا غصبت على الزواج من رجل ـ وإن كان صغيراً ـ فإن النكاح باطل.

أما إن كنت غير راضية، ولكنك وافقت بمحض إرادتك على العقد تحت الضغوط، فإن النكاح صحيح, ولكن في كل الأحوال، فإن عمك هذا ظالم بفعله هذا، لأن البنت لا يملك أحد إرغامها على الزواج بمن لا تريد, كما بيناه في الفتوى رقم: 64887

وعلى كل حال, فما دام الأمر على ما ذكرت من بغضه لك وتضييعه لحقوقك جميعا وهجره لك دون سبب وفسوقه وارتكابه للمحرمات واستمراره على هذا النهج المنحرف طوال هذه السنين، فإن هذا يبيح لك طلب الطلاق منه, بل بعض هذه الأمور كاف في ذلك, وقد سبق الحديث مفصلا عن الأحوال التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق من الزوج في الفتوى رقم: 116133.

فإن لم يستجب لك في ذلك فأنت بالخيار بين أمرين: إما أن ترفعي أمرك للسلطات المختصة لتجبره على التطليق, وإما أن تختلعي منه.

أما ما تذكرين من عدم وجود من يقف بجوارك: فنقول لك: استعيني بالله وحده فهو نعم المولى ونعم النصير واستعيني بمن يقدر على نصرتك من الأخيار، ويمكنك أن تقصدي بعض النساء الصالحات من أهل العلم والخير والدعوة وتعرضي عليهن أمرك ليساعدنك في التخلص من هذا الظلم.

أما بخصوص الإثم: ففي مثل حال زوج السائلة لا أقل من أنه يستحب لها أن تتخلص منه بالخلع ونحوه، وقيل يجب عليها ذلك، وعلى القول بالوجوب تأثم السائلة إذا قدرت على التخلص منه ولم تفعل.

ففي الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله فالمرأة في ذلك كالزوج فتتخلص منه بالخلع ونحوه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني