الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطريق إلى حفظ كتاب الله تعالى

السؤال

عندي مشكلة في حفظ القرآن الكريم، اشتركت بدورة تحفيظ القرآن الكريم والحمد الله كنت متحمسة جدا وأحفظ بعون من الله تعالى 6صفحات في اليوم وأثبت أو أراجع بعد كل صلاة تقريبا أو مرتين، وأراجع ما مضى وأربط بين الصفحات بالليل، المهم كنت أحفظ جيدا وأسيؤ بشكل صحيح، وقد وصلت الجزء الواحد والعشرين لكن الآن لا أحفظ كل يوم وإنما أحفظ بعد يومين أو 3 أيام صفحة أو صفحتين. ما سبب ذلك لا أعرف! هل السبب فرحة الناس لي أم ماذا! لا أريد أن أخبر أحدا بحفظي ولكن يسألوني ولا أستطيع أن أكذب.ولا أشعر برضا في نفسي وأتضايق بعض الأحيان وأخاف أن لا أحفظ أبدا.
ساعدوني أريد أن أحفظ القرآن الكريم أحس أنه تفلت مني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يعينك على ما أنت بصدده من حفظ القرآن وأن يتم عليك نعمته بختم كتابه الكريم فإن حفظ القرآن من أهم ما يشتغل به المسلم ويحرص عليه العاقل لما له من الفضل والشرف، ثم اعلمي وفقك الله أن ذنوب العبد ومعاصيه من أعظم ما يحول بينه وبين الخير، فعليك بالاجتهاد في التوبة إلى الله تعالى والكف عن معاصيه.

قال ابن القيم رحمه الله: وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله، فمنها حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفيء ذلك النور، ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه فقال إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية. وقال الشافعي:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم فضل ... وفضل الله لا يؤتاه عاصي.

انتهى.

وأيضا فإن عليك الاجتهاد في الدعاء واللجأ إلى الله تعالى ليعينك على حفظ كتابه ويتم عليك نعمته بذلك، فإنه من لم يوفقه الله فهو المخذول المحروم.

إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهادهُ

وإن خشيت حسدا من أحد فعليك بالاجتهاد في شكر نعمة الله عليك فإن الله تكفل لشاكره بالمزيد: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ. {إبراهيم:7}. والشكر كما قال العلماء يقيد النعم الحاصلة ويجلب النعم الواصلة، ومن أسباب الوقاية من شر الحاسدين كتمان النعمة عنهم، ومن ثم فإذا خشيت الحسد ممن تظنين أنه مصاب بداء الحسد فلا تخبريه، ويمكنك أن تستعملي في ذلك أنواع المعاريض فإن فيها مندوحة عن الكذب.

قال ابن القيم رحمه الله: فأنفس الحاسدين المنقطعين متعلقة بها وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد وأن لا يقصد إظهارها له ، وقد قال يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين. انتهى.

كما ينبغي أن تعلمي أن لكل عامل فترة والفتور والضعف من طبيعة الإنسان والموفق من جاهد هذا الفتور وداوم على العمل الصالح وإن قل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني