الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يلزم المرأة طاعة أبويها في فراق زوجها

السؤال

لدي سؤال وأرجو الإجابة عليه في أسرع وقت، حدثت مشكلة بين زوجين، وكان لأم الزوجة وأخيها دور في حدوث الخلاف بين هذين الزوجين، مما سبب لها الطرد من منزلها هي وأبناؤها من جهة زوجها، لأنه علم بذلك الأمر، والآن الزوج والزوجة يريدان أن يترجعا بعد أن قامت الزوجة بحل مشكلتها بنفسها مع زوجها بعد ثلاثة أشهر، وكانت في منزل أهلها دون علم والدتها وأخيها، وعندما تأتي أختها لتقول لوالدتها بأن أختها لها الحق في أن ترجع لزوجها، فإن الأم تعارض بشدة وتقول إنه قام بطردها وتركها عندي مدة ثلاثة أشهر، ولم يصرف عليها فكيف يقوم بإرجاعها؟ وقد علم الزوج أن زوجته كانت تذهب مع ليموزين في تلك الفترة مع أكثر من سائق إلى مواعيدها، لأنها حامل، ولأنه في تلك الفترة لم يسأل عنها، وعندما تصالحا علم بذلك وطلب منها أن يقوم هو بتوصيلها للمستشفى، ولكن والدة الزوجة لا تعلم بذلك، وإنما الوحيدة من أهلها التي تعلم هي أختها التي تكبرها ـ وهي متزوجة أيضا ولها أبناء ـ وأختها تنصحها أن لا تفعل أمرا من غير علم الأم، لأنها لو علمت أنه هو من ذهب بها إلى الموعد فستقيم الدنيا على رأسها، والبنت لا تريد أن تعلم والدتها بهذا الأمر حتى تعرف ماذا سيكون بينهما في أول لقاء بعد ثلاثة أشهر عند ركوبها في سيارته معه، لأنها تضع في حسبانها أنهما قد لا يتفقا، فهي تريد أن تقوم بهذا الأمر سرا حتى تتأكد هل فعلا زوجها يرغب أن ترجع إليه، فإن سارت الأمور على ما يرام فسوف تخبر والدتها. وللعلم، فإن والدتها تقول إنها تفضل أن تنفصل عن زوجها، لأن ذلك أفضل لها حتى لا يسكن معها في منزلها الجديد، وطلبت من ابنتها أن تذهب إلى المحكمة وتشتكي منه، لأنه طردها من منزلها ولم يصرف عليها وبقيت ابنتها طيلة ثلاثة أشهر، فلم تطع والدتها، لأنها أخبرتها بصريح العبارة أنها لا تريد أن تخطو خطوة والدتها عندما اشتكت من زوجها وكرهت أبناءها في والدهم، ولم تعلم الأم هل بفعلتها زوجها راض عنها أم لا؟ وقد توفي منذ أربع سنوات وعارضت أمها في هذا الأمر، وأخبرتها أنها لا تريد أن تحدث مشكلة أكبر من التي هي فيها الآن، لأنه من الممكن أن تقوم بالصلح معه بطريقة ودية، وفعلا قامت بهذا الشيء وقريبا سوف يلتقيان في السيارة عندما يوصلها زوجها للمستشفى، وأخوها يقول لها إن عليها أن تطلق منه وتبحث عن زوج آخر فقالت له من العيب الحديث بمثل هذا الكلام، وهي حامل منه لثالث مرة، ولكنه يقول لها إذا أرادا أن يترجعا أن تنبهه على عدم تكرار هذه التصرفات حتى يؤيدها في الرجوع له، لكن الأم تصر كل الإصرار أن لا يترجعا.
فما حكم مثل هذا الأمر من ناحية الدين؟ وهل تعتبر الأم آثمة على فعلها؟ علما بأنها تريد أن تسكن البنت في منزلها الجديد مع أبنائها وتأتي بسائق في منزلها، رغم أنها تعلم أنها إذا رجعت إلى زوجها فهو من يقوم بخدمتها من كل النواحي، وهل عندما تذهب مع زوجها دون علم والدتها تكون قد عصت أمها؟ وماذا عليها أن تفعل حيال هذا الأمر؟ وقد وافق الزوج أن تبقى زوجته في منزل والدتها إلى حين الولادة بعد العيد، لأن وضع الحمل غير مستقر، وبالرغم من ذلك فهي تريد أن تذهب إلى منزله، ولكن كرامتها لا تسمح لها، لأنها طردت من بيت زوجها هي وولداها الصغار، أرجو الإجابة، وهل الله يرضى عما تفعله الأم اتجاه ابنتها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شكّ أنّ حقّ الأمّ عظيم، وبرها وطاعتها في المعروف من أوجب الواجبات، لكنّ المرأة إذا تزوجت، فإن لزوجها عليها حقا عظيما، وإذا تعارضت طاعة زوجها مع طاعة والديها فطاعة زوجها أحق، وإذا أمرها والداها بفراق زوجها لم تلزمها طاعتهما في ذلك، قال المرداوي ـ الحنبلي: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحق. الإنصاف للمرداوي.

فإذا كانت أمها تحرضها على فراق زوجها دون مسوّغ شرعي فهي آثمة ومرتكبة لمعصية كبيرة، ولا طاعة لها في هذا الأمر، كما أنه لا يحق لها منعها من الرجوع لزوجها فضلا عن مقابلته والخروج معه، فلا حرج عليها في لقاء زوجها والخروج معه، بل والرجوع لبيته دون علم أمها.

واعلمي أنّ الطلاق لا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، فالطلاق ليس بالأمر الهين لا سيما مع وجود أولاد، فإذا أمكن للزوجين الاجتماع والمعاشرة بالمعروف ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى بلا شك من الفراق، فلتحذر من الاستسلام لما يريده أهلها من هدم البيت وتشتيت الأسرة، ولترجع لزوجها وتعاشره بالمعروف حتى ولو غضبت أمها من ذلك، لكن عليها أن تداوم على برها والإحسان إليها بما لا يتعارض مع حق زوجها واستقرار بيتها وأولادها .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني