الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السكن المستقل للزوجة مقدم على الدين

السؤال

تزوجت من بنت عمي وهي تحبني وأحبها ولدي منها ولد وبنت وتطيعني ولا تعصي أوامري وقد أعانتني على أمور الدنيا وتصبر على ظروفي القاسية من الناحية المادية حتى إنها تزوجتني وأنا عاطل عن العمل وقبلت أن تسكن معي عند أهلي وحصلت مشاكل بينها وبين أمي حتي أرجعتها إلى أهلها وذهبت لكي أعمل ووجدتعملا براتب: 1800 ريال وأردت أن أستأجرسكنا، ولكن أمي تعارض ذلك وتقول سدد الذي عليك من دين ـ وكان أبي قد أخرج قرضا لكي يزوجني ـ وأمي تقول طلق زوجتك، لأنها إنسانة للمغازلات والدعارة ـ والعياذ بالله ـ وأنا لم أر من زوجتي إلا كل خير، وتقول أمي لو استأجرت لتسكن معك ـ والله لأطفشها وأهينها الحقيرة ـ مع العلم أن أمي تسبها سبا غليظ حتى وصل بها الحال إلى أنها تقول لها أنت جرارة ـ أكرمكم الله ـ وزوجتي صابرة على ما تقوله أمي، علما بأنني نصحت أمي أكثر من مرة أن تتوقف عن مثل هذا الكلام، ولكنها لا تستمع لنصحي ، فأريد من الله ثم منكم أن تفيدوني.وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت زوجتك بصبرها على أذى أمك، وهكذا ينبغي أن تكون الزوجة إذا كانت تتأذى من أم زوجها، براً منها بزوجها وحسن معاشرة له، وهذا مما تزداد به الألفة والمودة بين الزوجين، وعليك بالاستمرار في نصح أمك بأسلوب طيب فيما يقع منها من منكرات تجاه زوجتك وخاصة ما يتعلق بعرضها، وانظر الفتويين رقم: 15776، ورقم: 32178.

وإذا وجدت من ترجو أن ينفعها نصحه من فاضل أو قريب ونحوهما فاستعن به، ولا تنس أن تدعو الله تعالى لها بالهداية والصلاح، وإذا كانت زوجتك صالحة فلا يلزمك تطليقها لمجرد رغبة أمك في ذلك، فقد نص الفقهاء على أن الطاعة في مثل هذا ليس من البر في شيء، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 1549.

وللزوجة الحق في مسكن مستقل تأمن فيه الضرر على نفسها، ولا يلزمها أن تسكن مع أي أحد من أقارب الزوج، وراجع في هذا الفتوى رقم: 34802، وهذا الحق مقدم على قضاء الدين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من الواجبات ما يقدم على وفاء الدين ـ كنفقة النفس والزوجة والولد الفقير ـ ومنها ما يقدم وفاء الدين عليه ـ كالعبادات من الحج والكفارات ـ ومنها ما يقدم عليه، إلا إذا طولب به كصدقة الفطر.

انتهى.

ومسكن الزوجة من باب النفقة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية قولهم: والمقصود بالنفقة توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام، ومسكن، وخدمة، فتجب لها هذه الأشياء ـ وإن كانت غنية ـ لقوله تعالى: وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.

وقال عز من قائل: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ.

انتهى.

وفي الختام نذكرك بأن تتلطف بأمك وأن تحرص على برها والإحسان إليها وأن تحذر أن يصدر منك أدنى إساءة إليها، فإن برها واجب ـ وإن أساءت ـ وانظر الفتوى رقم: 104477.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني