الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التّطهر بالثّلج قبل الإذابة

السؤال

سمعت أن الوضوء يصح بإمرارالثلج على أعضاء الوضوء بدل الماء، فهل هذا صحيح؟ ومتى يجوز لي ذلك؟ وهل عند عدم الماء؟ وهل أبحث عن الماء؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي صحة التطهر بالثلج ـ وضوءا وغسلا ـ قبل الإذابة خلاف بين الفقهاء, ونحن نذكر تلخيص أقوالهم مما جاء في الموسوعة الفقهية فقد جاء فيها: لا خلاف بين الفقهاء في جواز التّطهر بماء الثّلج إذا ذاب، وإنّما الخلاف بينهم في استعماله قبل الإذابة على ثلاثة أقوال:

القول الأوّل: ذهب المالكيّة والحنابلة ـ وهو المعتمد عند الحنفيّة ـ إلى عدم جواز التّطهر بالثّلج قبل الإذابة ما لم يتقاطر ويسل على العضو، يقول صاحب الدرّ المختار: يرفع الحدث مطلقاً بماء مطلق, وهو ما يتبادر عند الإطلاق كماء سماء وأودية وعيون وآبار وبحار وثلج مذاب بحيث يتقاطر ـ ويقول صاحب الشّرح الكبير: وهو ـ أي الماء المطلق ـ ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد وإن جمع من ندى، أو ذاب أي تميّع بعد جموده كالثّلج وهو ما ينزل مائعاً ثمّ يجمد على الأرض ـ ويقول صاحب المغني: الذّائب من الثّلج والبرد طهور, لأنّه ماء نزل من السّماء, وفي دعاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم: اللّهمّ اغسل خطاياي بالماء والثّلج والبرد ـ فإن أخذ الثّلج فمرّره على أعضائه لم تحصل الطّهارة به, ولو ابتلّ به العضو, لأنّ الواجب الغسل, وأقل ذلك أن يجري الماء على العضو, إلّا أن يكون خفيفاً فيذوّب, ويجري ماؤه على الأعضاء فيحصل به الغسل, فيجزئُه.

القول الثّاني: ذهب أبو يوسف من الحنفيّة والأوزاعي إلى جواز التّطهر به وإن لم يتقاطر، يقول الطّحطاوي: قوله: بحيث يتقاطر ـ هو المعتمد، وعن أبي يوسف: يجوز وإن لم يتقاطر، ويقول النّووي: وحكى أصحابنا عن الأوزاعيّ جواز الوضوء به وإن لم يسل ويجزيه في المغسول والممسوح, وهذا ضعيف، أو باطل إن صحّ عنه لأنّه لا يسمّى غسلاً ولا في معناه.

القول الثّالث: فرّق الشّافعيّة بين سيل الثّلج على العضو لشدّة حرّ وحرارة الجسم ورخاوة الثّلج, وبين عدم سيله، فإن سال على العضو صحّ الوضوء على الصّحيح لحصول جريان الماء على العضو, وقيل: لا يصح، لأنّه لا يسمّى غسلاً, حكاه جماعة منهم الماورديّ والدّارمي, وإن لم يسل لم يصحّ بلا خلاف في المغسول ويصح مسح الممسوح منه. اهـ.

وبهذا يتبين أن الوضوء بالثلج إذا لم يسل لا يصح في قول الجمهور، لأنه لا يسمى غسلا, وفيما إذا كان يشترط لجواز استعماله عدم وجود الماء، فعلى القول بعدم صحة التطهر به نعم ويتيمم به على قول مالك في إحدى الروايتين عنه, قال الحطاب في مواهب الجليل: وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي التَّيَمُّمِ بِالثَّلْجِ فَأَجَازَهُ فِي الْكِتَابِ وَمَنَعَهُ فِي مُدَوَّنَةِ أَشْهَبَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا وَهُوَ عِنْدَهُ كَالْعَدَمِ. اهـ.

وعند الحنابلة إذا وجد ثلجا لزمه مسح أعضائه إن تعذر تذويبه، قال ابن مفلح في الفروع: وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ. اهـ.

فعلم أنه على القول بعدم صحة التطهر به يجب البحث عن الماء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني