الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشتكي مديره إذا سمح للموظفين ببعض التجاوزات دونه

السؤال

مديري يسمح بالتجاوزات من الآخرين سواء الغياب عن العمل بعذر أم لا، ويرفض السماح لي، فهو لا يطيقني، وهو لا يصلي على الاطلاق، فهل أصمت على الظلم حرصا على الاحتفاظ بالعمل؟ أم أشتكيه لمن هو أعلى منه في الرتبة الوظيفية عملا بقول: الساكت عن الحق شيطان أخرس، ولتكن العاقبة ما تكون؟ (أفيدوني في كيفية التصرف من الناحية الإسلامية)؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية ننبه السائل الكريم على أن مديره أو غيره من المسؤولين لا يخول لهم أن يسمحوا بالغياب بدون عذر , والحقيقة أن هذا من التجاوز والتعدي على الأمانة . فإن كان هذا المدير يعمل ذلك مع غيرك دونك, فهو ظالم لنفسه ولمن سمح له بالغياب دون عذر, وليس في ذلك ظلم لك. وقس على ذلك بقية التصرفات , فإن كان يعاملك بما تقتضيه الأمانة ويعامل غيرك بالمحاباة والتجاوز , فليس في هذا ظلم لك, بل هو ظلم لنفسه ولمن حاباه على حساب أمانة العمل .

وأما إن كان يمنعك حقك, أو يحملك ما لا تطيق من العمل دون غيرك من زملائك , ونحو ذلك, فهذا لا شك أنه من الظلم الذي يبيح لك شكايته ورفع أمره للمسؤولين ؛ طلبا للعدل وإحقاقا للحق , قال تعالى : لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمً {النساء:148} .

قال السعدي : يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول , أي : يبغض ذلك ويمقته ويعاقب عليه , ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء وتحزن ..وقوله : إلا من ظلم . أي : فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه , ويجهر بالسوء لمن جهر له به , من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته. اهـ.

وأما عن كيفية التعامل مع مثل هذا المدير , فينبغي أولا أن تبذل له النصيحة , سواء في ما يتعلق به من ترك الصلاة وغير ذلك من المنكرات , أو ما يتعلق بالعمل وتضييع الأمانة فيه . فإن لم يستجب فلا حرج في رفع أمره لرؤسائه , من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وراجع الفتوى رقم : 57732.

وأما مقولة : الساكت عن الحق شيطان أخرس. فننبه السائل على أنها لا تتناول سكوت المسلم عن حقه وتنازله عنه , وإنما الحق الذي لا يجوز السكوت عنه هو ما يجب على المرء من إنكار المنكر إذا رأى محارم الله تنتهك , ما دام له قدرة على التغيير، ولم يلحقه ضرر يعذر به عن الإنكار , وراجع الفتاوى التالية : 119678, 58360, 126181.

وأخيرا ننصح السائل بتوخي الحكمة في معالجة هذا الأمر , والموازنة بين المصالح والمفاسد , كما ننصحه بتقديم الاستخارة واستشارة الأمناء الثقات من أصحابه .

وراجع لتمام الفائدة الفتوى رقم : 30022.

والله أعلم .


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني